أرجع مايكل بورتر، بروفيسور إدارة الأعمال في جامعة هارفرد، هشاشة النمو في أميركا والصين ودول ناشئة، إلى سياسة حكومات تلك الدول في الاعتماد على الاقتصاد الجزئي، والإنفاق الكبير والاقتراض، موضحاً أن أميركا وأوروبا تركزان على جانب محدد في مجال التنافسية ولذلك فإن نموهما أصبح بطيئاً. وركز بورتر في أولى محاضرات اليوم الأخير من فعاليات منتدى التنافسية التي اختتمت أمس، على أن الريادة في إدارة الأعمال لا تكون بتوفير البنية التحتية فقط، بل عبر تغيير ثقافة المجتمع لقبول التحدي والتفكير بطرق مختلفة تواكب العصر، ووضع نظام حوكمة جيد وبيئة صحية لقطاع الأعمال والتناغم بين الجهات العاملة في هذا المجال، وتحفيز المواهب، وبناء مجموعات مترابطة في مجال عملها. وفي معرض حديثه عن الاقتصاد السعودي، قال إن المملكة تقدمت في مجال التشريعات والأنظمة التي تساعد على تحفيز بيئة ريادة الأعمال، لكنها في الوقت ذاته لا تزال تعاني من مشكلة توسيع القاعدة الاقتصادية والتنوع الاقتصادي، والذي يعد أحد أهم العوامل الأساسية لخلق فرص العمل. وقال بورتر: "في المملكة فرص عظيمة ليكون الناس رواد أعمال، إذ إن الاقتصاد يسير بشكل جيد ورأس المال متنام ومتصاعد، كما أن عدد السكان مناسب، والحكومة ملتزمة بالعمل على تعزيز البيئة التنافسية في أسواقها ومواصلة التنمية المستدامة والاستمرار في السعي نحو النمو والازدهار". وأضاف أن المملكة حققت إنجازات في سعيها نحو إيجاد بيئة تساعد على ريادة الأعمال، وذلك بتطوير تشريعاتها وأنظمتها وفتح المجال أمام شركات متعددة الجنسيات، إلا أنها تواجه أيضاً تحديات تتمثل في تنويع مصادر الاقتصاد بما يحقق استمرار النمو، وإيجاد مجالات جديدة تسهم في خلق وظائف تستوعب الباحثين عن عمل. وتابع بورتر: "التنوع الاقتصادي لا يزال يمثل مشكلة بالنسبة للسعودية، إذ إن المجالات الوظيفية المتعلقة بالصناعات الخضراء المرتبطة بالبيئة غير كافية، والمجالات الأخرى لا تنتج وظائف كثيرة"، مشدداً على أهمية عدم الاعتماد على جهود الحكومة فقط في إيجاد وظائف، بل إسهام القطاع الخاص في ذلك بطرق إبداعية. واقترح إنشاء شركات صغيرة في مجالات مختلفة، وتحفيزها عبر إفساح المجال أمامها لتحصل على نسبة من العقود الحكومية بما يسهم في تطورها لتصبح شركات متوسطة وبالتالي تشغيل أيد عاملة بشكل أكبر وزيادة التنافسية في السوق السعودي. وتطرق إلى التحديات التي تواجه الشركات الصغيرة، مثل الخوف من الفشل مما يثني كثيراً من الناس عن الانطلاق في تحقيق أفكارهم، إضافة إلى ثقافة المجتمع الذي ينحاز عادة إلى الشركات الكبيرة ولا يحتفي بالشركات الصغيرة، مؤكداً إمكانية التغلب على هذه النظرة مع الوقت، لافتاً إلى أن دور الأنظمة والقوانين جوهري في تشجيع هذه المنشآت لتكون محركا فاعلاً في الاقتصاد. وختم بورتر حديثه بدعوة المملكة إلى إطلاق مبادرات في ريادة الأعمال على المستوى الإقليمي وعدم الاكتفاء بالمجال المحلي.