بتلاحق المتغيرات في العديد من البلدان العربية، يُطرح سؤال حول مدى تأثير هذه التغيرات على الثقافة العربية في الخارج، وإلى أي مدى تنعكس على البرامج الثقافية التي تقدم للجاليات العربية خارج حدود أوطانها. تؤكد الإعلامية في قناة "آرت إنفو" نتالي جورج أن حقوق الإنسان هي حقوق كونية وبشرية، مبينة أن غالبية الثورات العربية هي ثورات من أجل كرامة وحقوق الإنسان، وبالتالي فإن هذه الثورات سوف تحمي مع الوقت حرية الإبداع والفكر، وهذا يفرز إبداعا متميزا وحقيقيا. وتضيف: بشكل شخصي ومن خلال عملي ومتابعاتي يمكنني القول: إن أمام المثقفين والمبدعين والمفكرين في بلدان الربيع العربي مجابهات كثيرة من أجل الحفاظ على ما تتميز به بلدانهم من ثقافة وإبداع ورقي فكري، وهذا أيضا ينسحب على نظرائهم المقيمين في الخارج، ربما عليهم دور كبير في التواصل مع مبدعي أوطانهم أكثر من أي وقت مضى. فيما يرى مدير معهد الآداب والفنون العربية في باريس الدكتور أسامة خليل أن الربيع العربي قد أسهم إسهاما كبيرا في لفت نظر المواطن الغربي عامة والفرنسي خاصة إلى الإبداع العربي، لافتا إلى أن التأثير حتى الآن إيجابي جدا، فهناك الكثير من الفرنسيين اليوم يريدون التواصل مع الشعر والموسيقى والأغنيات الحماسية التي تعكس روح الثورات العربية. ويردف "اليوم ألاحظ داخل المعهد إقبالا أكثر من ذي قبل على أي معرض فوتوجرافي أو تشكيلي له علاقة بالثورات العربية، إلى جانب الأمسيات التي تنظم للتفاعل مع معطيات الحراك العربي في تلك البلدان الثائرة. من جهته، أوضح ل"الوطن" الشاعر سيد حجاب أثناء جولته في باريس معبرا عن صعود بعض المتشددين أنه لا يخشى تأثير التيار المتشدد على الثقافة، قائلا: كلي ثقة أن هذا الوضع لن يدوم، وسرعان ما ستتنبه المجتمعات إلى أن تأثير النمط المتشدد يعيدهم إلى الخلف، ولا يساعد على تحقيق حلم مواكبة العصر والعالم من حولنا. وأضاف: اليوم توجد أكثر من مشكلة في أكثر من بلد عربي بسبب ظهور الفكر الانغلاقي، ولكني لا أظن أن الثورات التي دفعت ثمنا باهظا من دماء أبنائها سوف تستكين أمام أي ردة مجتمعية، مؤكدا أن الرهان على الشعوب وعلى قدرتها على الرفض الفوري لكل ما يمكن أن يعيق تنميتها وتقدمها وتواصلها مع العالم. وعن التأثير على الثقافة العربية التي يتواصل من خلالها أبناء الجاليات العربية مع أوطانهم عبر العديد من المنافذ قال: لا أظن أن هناك أي تأثير يذكر يمكن أن يقع عليها بل على العكس تماما، أتصور أن حركة الترجمات سوف تكون في ازدياد. إلى ذلك أشار مدير المركز الثقافي المصري في باريس الدكتور محمود إسماعيل إلى توقف المركز عن أي أنشطة طوال فبراير من العام الحالي، وقال: لا يجوز أن تستمر الأنشطة وقد كان هناك جرحى وشهداء يتساقطون، ولكننا عاودنا النشاط مع بداية مارس، ومنذ ذلك الحين برنامج المعهد المخطط له يسير بشكل طبيعي، مبينا أن المعهد يحتضن أحيانا بعض الأنشطة الثقافية المرتبطة بالثورات العربية خاصة الثورة المصرية مثل معارض الفن التشكيلي، أو معارض التصوير، أو الندوات ولكن في الأغلب الأعم برنامج المركز هو المستمر. واختتم حديثه موضحا أن المراكز الثقافية المصرية تتبع وزارة التعليم العالي، وليس وزارة الثقافة مما "يجعلنا دائما نتعامل مع أساتذة جامعات وأناس من أصحاب العقول المستنيرة، وهذا يعطينا نوعا من أنواع الاستقلالية".