ما المسافة بين تشخيص العرض والمرض ؟ أكاد أتيقن أن الكثير منا لا يعرف ماهية المسافة الحاصلة بين هذين الطارئين . إذ إن الأكثر منا يبادر بعلاج العرض بمنأًى عن المرض يعالج العرض وهو يظن أنه هو ذاته كل المرض لا يفكر في الروابط المؤدية لهذا المرض ، ولم يفكر في المشاكل والأسباب التي أدت لهذا المرض فكم نحن في حاجة لأن نقوم بالعملية العلاجية من خلال الفهم الذي طالما سمعنا أنه (نصف الإجابة). لأن فهم المرض أو العرض أو المشكلة هو الأساس المتين والركن الركين الذي يسند العملية العلاجية وتقوم عليه . إن العملية العلاجية علم ومهارة ، ليس كل المتخصصين قادرين عليها , وليس كل العامة قاصرين عنها فالطبيب الذي يعتمد على المضادات كحل وحيد ليس إلا للتخفيف من حدة المرض دون أن يتعب نفسه في فحص المريض والبحث عن الأسباب الباعثة لهذا المرض فهو لم يعالج عرضا ولا مرضا . والمعلم الذي يطنب في عملية العقاب لحل المشكلة التي تواجهه ولا يتحرى الفروق الفردية بين تلاميذه ولا يستخدم التعزيز الإيجابي ولم يتعب نفسه في حل مشاكل تلاميذه لم يعالج عرضا ولا مرضا . فعلى المربين بناة الأجيال أن يفكروا في معالجة المشاكل الاجتماعية والتربوية من خلال فهم الأسباب لا من خلال المشكلة الحادثة فقط ، وثمة الكثير من الأمراض يكمن علاجها في معرفة الأسباب المؤدية إليها لعلاجها أو حتى لاتقائها بدلا من علاجها . ولكي نصل لأسهل الحلول وبأقل التكاليف النفسية والمادية وقبل ذلك البشرية يجب أن نفكر في أحسن الطرق المؤدية للحل المناسب أليس الاحتواء أفضل من الإقصاء ؟ أليس الترغيب خير من الترهيب أليس الإحسان أرقى من الإساءة أليس التنفيس أجمل من الكبت ؟ فعلى الهيئات والمنظمات وحتى الأفراد على الجميع فهم المجتمع وتحقيق حاجاته وتلبية رغباته لمساعدته على مساعدة نفسه والنهوض بمسؤوليته تجاه دينه وأمته وأغلى ما يملك الوطن .