حذر مسؤولون واقتصاديون في مصر من تفاقم خسائر الاقتصاد المصري، الذي يكافح من أجل تحقيق التعافي في ضوء الاحتجاجات التي تشهدها البلاد حالياً، لاسيما في ظل التباطؤ الكبير في معدلات النمو وتراجع الإنتاج وانخفاض إيرادات السياحة، ما قد يدفع بالبلاد إلى التحول نحو الركود التضخمي. وقالوا في حديث إلى "الوطن" إن الأوضاع الاقتصادية في مصر تدخل في نفق مُظلم، وبخاصة في ظل سعي الحكومة للبحث عن قروض خارجية لتمويل عجز الميزانية، الذي يواكبه تراجع التدفقات الأجنبية إلى مصر. وأشاروا إلى أن الأرقام والإحصاءات أبلغ دليل على الواقع المظلم للاقتصاد المصري خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري، إذ تراجع نشاط أغلب القطاعات بنحو 88%. كما تراجع الاستهلاك المحلي نحو 38% بسبب تراجع الدخول لدى جميع الشرائح، علاوة على انخفاض معدلات إصدار الأسهم والسندات بسوق المال بنحو 64% منذ بداية العام وحتى نهاية سبتمبر الماضي، إضافة إلى تراجع مؤشر البورصة بنحو 44%، وانخفاض معدل النمو إلى 1.8% في العام المالي المنتهي، مقابل 8.9% في الفترة نفسها من العام الماضي. وتكبد قطاع السياحة خسائر بلغت أكثر من 4 مليارات دولار في النصف الأول من العام. من جانبه، أكد رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أحمد الوكيل أن الاقتصاد المصري في موقف صعب للغاية، ومن المتوقع أن يتجه إلى حالة أصعب مما هو عليه الآن بعد الأحداث الأخيرة. وأكد الوكيل تراجع الاستهلاك المحلي في البلاد بشكل حاد نتيجة لتقشف المصريين في ظل الظروف الراهنة، إلى جانب انخفاض الدخول لدى جميع شرائح الشعب، وتراجع الاستثمارات الاجنبية بسبب الأوضاع، علاوة على ارتفاع معدل البطالة. وحذر الوكيل من الدخول في مرحلة ركود تضخمي، وبخاصة في ظل تراجع معدلات التضخم خلال سبتمبر الماضي، وتراجع معدلات النمو وتوقف الإنتاج وانخفاض عائدات السياحة. وفي سياق متصل، أكد مساعد أول وزير السياحة المصرية هشام زعزوع أن توتر الأوضاع الذي تعيشه البلاد حالياً سينعكس سلباً على أداء قطاع السياحة وينذر بكثير من الخسائر. وأضاف أن قطاع السياحة كان قد بدأ في التقاط أنفاسه مع بداية الموسم الشتوي، وبدأت معدلات إشغالات الفنادق في التعافي، إلا أنه من المتوقع أن يكون للاحتجاجات الأخيرة تأثيرات خطيرة على القطاع وإيراداته مستقبلاً. فيما اكتفى رئيس قطاع التجارة بوزارة الصناعة والتجارة الخارجية المصرية عبد الرحمن فوزي بالقول:"ربنا يستر على الاقتصاد"، مشيراً إلى أن الوضع مؤسف وخطير للغاية. من ناحية أخرى، أكد مصدر مسؤول بالهيئة العامة للرقابة المالية المصرية (طلب عدم ذكر اسمه) أن الهيئة وافقت على إصدار أسهم وسندات جديدة خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي بقيمة بلغت 32 مليار جنيه، بواقع31.65 مليار جنيه للأسهم و350 مليون جنيه للسندات، وذلك بتراجع نسبته 64 % عن الفترة المماثلة من العام الماضي، والتي بلغت قيمة الإصدارات فيها نحو 88 مليار جنيه. وأرجع المصدر هذا التراجع إلى الظروف التى تمر بها مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير، والتي خلقت حالة من التوتر السياسي، مشيراً إلى أن إصدارات الأسهم شملت زيادة رأسمال 858 شركة بقيمة 26.2 مليار جنيه، مدفوع منها 17.7 مليار جنيه، مقابل 67.4 مليار جنيه، مدفوع منها 52.9 مليار جنيه في الفترة نفسها من عام 2010. وقال الرئيس التنفيذي ببنك الاستثمار الإقليمي "سي آي كابيتال" كريم هلال إن الاقتصاد المصري في خطر حقيقي، وبخاصة بعد أن بلغت نسبة النمو 1.8% فقط في العام المالي المنتهي في يونيو الماضي، وذلك في أبطأ وتيرة نمو خلال 10 سنوات على الأقل. وأضاف أن الإنفاق الخاص الذي يشكل أكثر من ثلثي الاقتصاد نما بمعدل 3.5% في الربع السنوي السابق، متراجعًا من 8.9% في الفترة نفسها من العام الماضي. كما تراجع المؤشر القياسي للبورصة المصرية بنسبة 44% هذا العام، أي أكثر من ضعف التراجع الحاصل على مؤشر "إم إس سي آر" للأسواق الصاعدة، فيما تدفع الحكومة المصرية للاقتراض لمدة 9 أشهر من السوق المحلية فائدة تبلغ نحو 15%، وهو أعلى مستوى منذ خمس سنوات على الأقل.