أكد المحاضر في جامعة الملك سعود الدكتور رضا رسلان أن الكتابات والمؤلفات التاريخية الكلاسيكية التي تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد تلاحقها تهمة الأسطورة والخرافة، بينما أكد نائب الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز الدكتور ناصر بن محمد الجهيمي أهمية المصادر الكلاسيكية في إضاءة جوانب من تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام. وقدّم رسلان خلال ورشة عمل "المصادر الكلاسيكية والجزيرة العربية" عرضا موجزاً لتلك المؤلفات ودورها في رصد المعلومات التاريخية الأولى عن الجزيرة العربية. وشهدت الورشة التي عقدتها دارة الملك عبدالعزيز في مقرها مساء أول من أمس، مشاركة عدد كبير من المهتمين، حيث بدأت الورشة بورقة عمل للدكتور رضا رسلان، تحدث فيها عن أبرز الكتاب القدماء من الإغريق وغيرهم الذين سجلوا بعض التوثيقات عن تاريخ مصر ودول شمال إفريقيا وبلاد الرافدين وكذلك بلاد العرب موضوع الورشة. وقدمت الدكتور نورة النعيم من جامعة الملك سعود ورقة عمل عن "ثيوفراستوس والجزيرة العربية" تطرقت فيها إلى أهمية المصادر الكلاسيكية على الرغم من الجانب الأسطوري وتدخل وجهة نظر كاتبها في رصد الحياة التجارية، وتقديم أول تقسيم جغرافي للجزيرة العربية، وذكر أسماء بعض القبائل الموجودة فيها. وعللت اختيارها "ثيوفراستوس" كموضوع للورقة كونه أول من كتب بمنهجية علمية وانتقد الأسطورة والخيال في المؤلفات في تلك الفترة. وركزت الباحثة على كتاب ثيوفراستوس المعروف "موسوعة علمية للنباتات في العالم"، التي تكونت من تسعة كتب وخصص فيها فصلاً للحديث عن نباتات الجزيرة العربية ووصفها ومواسمها والظروف البيئة الضرورية لها والصناعات الطبية المشتقة من بعضها، وأثناء ذلك تحدث عن وصف المناخ في الجزيرة العربية والحالة التجارية لتلك النباتات وغيرها من نواحٍ جانبية في الموسوعة يمكن الاستدلال بها على جوانب تاريخية مهمة، كما أنه تطرق إلى بعض أقاليمها مثل "البحرين" ووصفها بأنها ذات ينابيع عذبة، وأنها تتميز بزراعة النخيل والكروم، فضلاً عن حديثه عن النخلة في الجزيرة العربية وما صاحبه من معلومات تاريخية. بعد ذلك طرح الدكتور حسين الشيخ من جامعة الملك سعود ورقة عمل عن "تطور نظرة المصادر الكلاسيكية للجزيرة العربية" تحدث فيها عن تطور حجم المعلومات وتقلص الأساطير في كتب اليونان عن الجزيرة العربية، التي بدأت بذكر مجرد لكلمة "عربي" عند هوميروس في الأوديسة منتصف القرن التاسع قبل الميلاد، مروراً بما ذكره هيرودوت عن العرب والجزيرة العربية؛ الذي أرخ للصراع اليوناني الفارسي من كتابات مفصلة ومطولة لكنها مملوؤة بالخيال المجنح، وكتابات أريستوا بولوس الجغرافي، وثيوفراستوس، وإيراتوسثينيس، وسترابون، ونهاية بكتابات بطليموس الجغرافي ومن تلاه، وأوضح الدكتور رسلان أن المصادر الكلاسيكية تعرضت لتاريخ الجزيرة العربية أولاً بالعموميات ثم تطورت مع مرور الوقت واحتكاكهم بالعرب إلى التخصيص والتحديد لجوانب حياتية محددة.