سيطر الثوار الليبيون أمس على مقر قيادة الشرطة وسط مدينة سرت، مضيقين بذلك الخناق على من تبقى من المقاتلين الموالين للقذافي. وأطلق عشرات المقاتلين العنان لأبواق سياراتهم كما أطلقوا العيارات النارية في الهواء احتفالا باستيلائهم على هذا المركز الأمني الذي كان مهجورا لحظة دخولهم إياه، والذي يشرف على المدينة وعلى ساحتها الرئيسية التي لا تزال في قبضة قوات القذافي. ودخلت المعارك في سرت مرحلتها الأخيرة حيث يحاول الثوار السيطرة على آخر الأحياء التي ما زالت تقاوم بعد شهر من الحصار الدامي. وأعلن المجلس الوطني الانتقالي أنه يتوقع قريبا جدا سقوط سرت بالكامل بين أيدي مقاتليه لإعلان "التحرير الكامل" لليبيا، ما سيمهد الطريق أمام تشكيل حكومة مهمتها إدارة مرحلة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات عامة. وقال مسؤول الجبهة الشرقية وقائد كتيبة "ليبيا الحرة" في سرت وسام بن أحمد "بقي لنا كيلومتران مربعان فقط لتحرير كامل المدينة". وأضاف "مشكلتنا تكمن خصوصا في وجود العائلات التي يخشى الكثير منها مغادرة منازلها، وهي منازل يستخدمها القناصة للاختباء فيها ومراكز لإطلاق النار". وقامت مجموعة من قوات المجلس الانتقالي بتمشيط شوارع ومنازل وسط سرت الواحد تلو الآخر. وتتألف هذه المجموعة، وهي فرقة استطلاع من حوالى 30 مقاتلا، وقد دخلت إلى أطراف الساحة الرئيسية لسرت، من الجهة الشرقية من دون أن تلقى مقاومة تذكر من قوات القذافي. وتشرف على الساحة الرئيسية في سرت مجموعة من الأبنية التي يتمركز فيها القناصة، ما يجعل دخول هذه الساحة أشبه بعملية انتحارية. وكان الهجوم على سرت انطلق من ثلاثة محاور هي المحور الشرقي والمحور الغربي والمحور الجنوبي، وقد أحكم المهاجمون حصارهم للمدينة من هذه الجهات الثلاث، أما الجهة الشمالية فتطل على البحر المتوسط. ويعمد المهاجمون إلى تمشيط المنازل على وقع نيران المدفعية الثقيلة ورصاص القناصة، وهم يجمعون الأسلحة المتروكة ويأخذون النساء والأطفال والرجال المسنين جانبا ثم يخلونهم إلى الخلف. أما الرجال القادرون على القتال فيتم تفتيشهم واستجوابهم. وتتكدس السيارات المحترقة في طرق المدينة التي دمرتها المعارك، وقلما تجد منزلا لم ينل حصته من شظايا القذائف والقنابل والرصاص، في حين أن جميع الأبنية عليها آثار دماء. أما في الجبهة الرئيسية الأخرى، جبهة بني وليد فقد عمد الثوار إلى إعادة تنظيم صفوفهم بعد إخفاقات عسكرية عديدة كبدتهم 17 قتيلا وأكثر من 80 جريحا. ويحاول هؤلاء المقاتلون تجميع صفوفهم تحضيرا لهجوم جديد على هذه الجبهة المفتوحة منذ شهر أيضا، وهم ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء المعارك في سرت حتى يستفيدوا من التعزيزات التي ستصلهم من هذه المدينة فور سقوطها في قبضة المجلس الانتقالي. من جانب آخر قال عضو بالمجلس الانتقالي الليبي إن القذافي ربما يكون مختبئا في منطقة نائية غير مأهولة تحيط بها الجبال في محاولة لإحباط مساعي الإمساك به. وقال موسى الكوني ممثل المجلس الوطني بشأن قبائل الطوارق للبدو الرحل إن الزعيم المخلوع ربما يتنقل في المنطقة الصحراوية الواسعة في جنوب البلاد على حدود ليبيا والجزائر والنيجر. وتابع "هم يمكنهم حتى أن يبنوا مدينة صغيرة أو بلدا صغيرا في هذه المنطقة دون أن يتعرف عليهم أحد" مضيفا أنه يوصي بإرسال طائرات هليكوبتر أو طائرات بدون طيار إلى هذه المنطقة.