انتقد الباحث في معالم المدينةالمنورة التاريخية عبدالله مصطفى الشنقيطي ما ذهب إليه الدكتورعايض الردادي من أن "أبيار الماشي" جنوبالمدينةالمنورة، والتي تقع على بعد 38 كم هي قَلَهَى أو قَلَهِّي التي اعتزل فيها سعد بن أبي وقاص أحداث الفتنة زمن مقتل الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - واصفا رأيه بأنه "ظن جانبه الصواب". وقال الشنقيطي الذي نشرت "الوطن" دراسته التاريخية عن "قلهى" متبوعة برأي الردادي مؤخراً، تحت عنوان "مسرحية تجدد الاختلاف حول تسمية آخر وقائع داحس والغبراء"، "إن أبيار الماشي كان يطلق عليها تاريخياً مسمى "الخلائق" أو "خليقة أبي أحمد"، ولها ذكر كثير في السيرة النبوية، وفي الحوادث التاريخية التي جرت حول المدينةالمنورة. وحول رأي الردادي أن "قَلَهَى" و"قَلَهِي" مكانان متشابهان في الرسم مختلفان في الضبط والموقع معتمداً على رأي عاتق البلادي – رحمه الله- في كتابه "معجم معالم الحجاز" من أن قَلَهِي التي اعتزل فيها ابن أبي وقاص الفتنة الكبرى هي أبيار الماشي الواقعة على ضفاف وادي العقيق، أما "قلهى" (بثلاث فتحات) فهي الغدير الذي انتهت عنده حرب داحس والغبراء وهي الواردة في شعر زهير بن أبي سلمى: إلى قلهى تكون الدار منا إلى أكناف دومة فالحجون قال الشنقيطي: بالرجوع إلى معاجم الأمكنة مثل "معجم البلدان"، و"معجم ما استعجم" وما كتبه المؤرخون عند تحديد الموضعين نجد أن الجميع ينقل عن عرام بن الأصبغ السلمي تحديده لقلهى، وهو الموضع الذي يقع قرب الضميرية في لحف الجانب الشرقي من حرة بني سليم. أما لفظ "قلهِّي" (بتشديد الهاء المكسورة) فلم يرد إلا في بيت واحد من قصيدة لكثير عزة و لعل ذلك لضرورة الشعر. وأشار الشنقيطي إلى أن وادي العقيق ليس من ديار غطفان أو بني سليم بل هو لقبيلة مزينة وقد أقطعه النبي صلى الله عليه و سلم لشيخ مزينة الحارث بن بلال المزني، أما بني سليم فلهم الحرة المسماة باسمهم وتخالطهم غطفان في جانبها الشرقي حيث تقع قلهى. وأكد الشنقيطي أن الحصن المجصص الموجود الآن في أبيار الماشي الذي ظن البلادي رحمه الله أنه قصر سعد الذي اعتزل فيه هو في الواقع حصن تركي شيدته الدولة العثمانية، لجنودها المرابطين في الموقع لأهميته الاستراتيجية كبوابة جنوبية للمدينة المنورة. أما قصر سعد الذي بناه في العقيق فهو في طرف حمراء الأسد كما ورد في (نسب قريش للزبير بن بكار ص/540) ومكانه بعيد عن أبيار الماشي، وسعد لم يعتزل في قصره، وإنما في مكان بعيد منعزل كما هي الحال في "قلهى"، وقصور العقيق التاريخية مثل قصر سعد أو قصر عروة كلها أصبحت ركاماً ولم يبق منها سوى قصر سعيد بن العاص الذي ما زالت بعض جدرانه و عقوده قائمة. وكان الدكتور عايض الردادي قد نشر رده موسعا على الشنقيطي في قصة عدد الوطن المشار إليها أعلاه، وخلص بعد استعراض عدد من الروايات التاريخية إلى أن قَلَهّي التي اعتزل فيها ابن أبي وقاص في العقيق هي آبار الماشي الآن، وأن قَلَهَى الواردة في شعر زهير تقع بين الرحضية ومهد الذهب، وذِكْرُ اعتزال سعد فيها خطأ، ولو عُرف وادي رولان لأمكن تحديدها.