سيطر الثوار الليبيون على المعبر الحدودي الرئيسي مع تونس في تقدم جديد بمواجهة النظام المترنح للعقيد معمر القذافي الذي توارى عن الانظار منذ أيام ويمكن أن يكون في الجزائر بحسب مصدر لدى الثوار. وساد الهدوء العاصمة طرابلس صباحاً فيما تكثفت النداءات الدولية إلى المصالحة وتجنب الانتقام سواء من طرف الاتحاد الأوروبي أو الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي. وقال رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما أمس إن الاتحاد الأفريقي لن يعترف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي بوصفه حكومة شرعية في طرابلس. وذكر زوما في بيان أصدره لدى عودته من قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا "لن يسمح للحكومات التي تصل إلى السلطة بأساليب غير دستورية بالمشاركة في أنشطة الاتحاد". أضاف "هناك أكثر من جماعة تطالب بالسلطة والدعم في ليبيا.. وأي حل سيتطلب ضمها جميعاً". وفيما تواصلت محاولات تعقب القذافي نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصدر عسكري من الثوار أن موكباً يضم ست سيارات مرسيدس مصفحة قد يكون ينقل مسؤولين ليبيين كباراً بمن فيهم الزعيم الليبي وأبناؤه، عبر الحدود أول من أمس من ليبيا إلى الجزائر. وقالت الوكالة نقلاً عن "مصدر في المجلس العسكري بمدينة غدامس الليبية إن "ست سيارات من نوع مرسيدس مجهزة ضد الرصاص ومصفحة دخلت المدينة". وتابع "تلك السيارات من المعتقد أنها تحمل مسؤولين ليبيين كبار ومن الممكن أن يكون فيها القذافي وأبناؤه". وفي غرب طرابلس حيث تستمر المعارك للسيطرة على الطريق الإستراتيجية التي تربط العاصمة الليبية بتونس، رفع الثوار علمهم على معبر رأس جدير الحدودي. وقال مصدر حكومي تونسي "وصل أكثر من مئة مقاتل من الثوار إلى رأس جدير. لم تقع مواجهة فعلية، قوات القذافي لاذت بالفرار". وساد الهدوء طرابلس أمس بعد ليلة سمع خلالها دوي بعض الانفجارات ورشقات الأسلحة الرشاشة في مختلف الأحياء حيث رصدت جيوب مقاومة لا سيما في حي بوسليم وفي حي صلاح الدين. ومعارك كثيفة في الأيام الأخيرة مكنت الثوار من السيطرة على معظم أنحاء العاصمة، يبدو أن المقاتلين الموالين القذافي بدؤوا يعتمدون إستراتيجية الضربات المحدودة حيث يتحركون في جماعات صغيرة في مناطق متفرقة لإبقاء الوضع متوتراً، ثم يتوارون. ويتبع مقاتلو القذافي هذه الإستراتيجية في منطقة مطار طرابلس الدولي. وعلى الجبهة الشرقية ما زالت كتائب القذافي التي تراجعت أكثر من مئة كلم قبل أيام تقاتل في بن جواد على بعد 140 كلم شرق سرت، حيث قصفت الثوار العالقين في راس لانوف. وواصلت قوات القذافي في سرت معقل النظام - حيث يمكن أن يكون العقيد الليبي مختبئاً - القتال مطلقة الصواريخ لعرقلة تقدم الثوار. وواصل الحلف الأطلسي غاراته الجوية في محيط سرت فاصاب 19 هدفاً وكذلك في طرابلس حيث دمر منشأتين عسكريتين. إلى ذلك دعت منظمة العفو الدولية إلى وقف أعمال التعذيب وسوء المعاملة التي قالت إنها تمارس من قبل الثوار والقوات الموالية للقذافي على حد سواء. وأفادت المنظمة أن عمليات إعدام جماعية حصلت وشملت العديد من السجناء يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين في معسكرين بالقرب من طرابلس كانا تحت سيطرة خميس القذافي. وأكد الثوار أن حراساً قتلوا بقنابل يدوية أكثر من 150 سجيناً قبل الفرار من مقر القذافي الذي سقط الثلاثاء. وتوفي ما لا يقل على 80 شخصاً في مستشفى في طرابلس خاضع لقوات القذافي التي منعت الكادر الطبي من ممارسة عمله طوال ستة أيام. وفي حي بوسليم شوهدت جثث لمقاتلين موالين للقذافي ملقاة تحت الشمس، وتبين أن أصحابها كانوا مقيدين وقتلوا برصاص في الظهر. وشاهد مراسلون عدداً من الموالين للنظام يتعرضون للضرب المبرح والعنيف بصورة مفرطة، وإن هؤلاء لم ينجوا سوى بسبب حضور وسائل الإعلام، وربما بصورة مؤقتة. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في بيان صدر بعد اجتماع مع مجموعة القاهرة التي تضم الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي "يجب عدم اللجوء إلى أعمال انتقامية". في غضون ذلك قال عبد الحكيم بلحاج قائد قوات المعارضة في طرابلس إن جماعات مقاتلي المعارضة ستنضم تحت قيادة واحدة بعد فترة موقتة لتشكيل جيش وطني جديد. وأبلغ بلحاج أيضا مؤتمراً صحفياً في طرابلس أن جماعات المعارضة في العاصمة التي تعمل الآن تحت مجلس عسكري موحد تعد إستراتيجية لتأمين كل مؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية في الوقت الذي تمشط فيه جيوب فلول المقاومة.