المرأة هي النصف الآخر للرجل يستأنس بها، ويستلطف بمشاعرها، وللرجل والمرأة خصائص وسمات تبدو ليست بذات أهمية لدى الكثير ممن يجهلون فك رموزها، مع أنها المفتاح الحقيقي لقلب كل منهما، ولكن عدم معرفة كل طرف لطريقة التعامل مع الآخر تولد بينهما الفراق النفسي، وهو ما يسمى ب"الجفاف العاطفي"، ويرى اختصاصيون أن السفر الطويل، وعدم الإنجاب، أو تأخره، وتعاطي المخدرات، بالإضافة إلى عدم النضوج العقلي والجسدي من مسببات هذا الجفاف العاطفي. يقول المعلم محمد جعفري المعافا إن "الجفاف العاطفي لا يعني أنه لا يوجد حب بين الزوجين، ولكن قد تكون هناك ظروف خارج بيت الزوجية تتسبب في خلق فجوة بينهما، كالمشاكل المادية أو العملية، بالإضافة إلى المشاكل الداخلية في المنزل، التي تؤثر بشكل سلبي في علاقة كل منهما". وترى سارة أحمد أنه يجب على الأسرة حينما تحس بأن الجفاف العاطفي بدأ يتسلل إلى محيطها العائلي تخصيص بعض الأوقات الخاصة التي يستطيع فيها الزوجان التقارب مع بعضهما البعض، بالخروج إلى النزهات، أو دعوة أحدهما الآخر إلى عشاء خاص، أو سهرة في مكان جميل، وحبذا أن يكونا بمفرديهما بعيدين عن مصاعب الحياة". وأشارت أم نديم إلى أن الرجل حينما يشتكي من قسوة زوجته، فذلك أكبر دليل على أنها ملكت قلبه، واطمئنانها بأنه ليس بمقدوره الاستغناء عنها، وأنه يجب على الزوجين احترام كل منهما للآخر، لأن احترام المشاعر هو المحرك الرئيسي للحب المتبادل. ويؤكد أحمد الحازمي أنه "لا بد أن نعترف أن المجتمع نفسه يعاني من الجفاف العاطفي، فيما غابت اللمسة الحانية والابتسامة الصادقة، وخصوصا حينما يغيب الأب عن محيط أسرته فترة طويلة، نتيجة سفره المتكرر، مشيرا إلى أن المرأة أكثر بطئا في إظهار حبها بخلاف الرجل. وعن كيفية الاكتشاف المبكر لمرض الجفاف العاطفي، أوضح استشاري طب الأسرة بصحة عسير الدكتور يحيى بن ماطر الخالدي أن "ذلك يتم من خلال التعرف على أعراض هذه المشكلة، التي يمكن أن ترافقها أعراض مثل سرعة الغضب، وإهمال الذات أو الآخر، وإهمال الأطفال، وفقد التركيز، بالإضافة إلى الخروج المتكرر من المنزل دون أسباب مقنعة، وكثرة الشكوى من عدد من الأعراض المختلفة، وتكرار الأحلام المزعجة". وأشار استشاري طب الأسرة إلى أن الجفاف العاطفي هو برود وضعف في العلاقة العاطفية بين الزوجين، يبدأ بضعف الاتصال بينهما، وأنانية أحدهما، والتوقعات غير الموضوعية لأحد الزوجين من قبل الآخر. وبين الخالدي أن الخلافات المالية, وعدم النضج العقلي والعاطفي والجسدي من الأسباب الهامة للجفاف الوجداني، بالإضافة إلى عدم الإنجاب، أو تأخره، والبعد الطويل المتمثل في السفر، أو تعاطي المخدرات. ويرى الخالدي أن أفضل سبل الوقاية من الجفاف العاطفي هو الاختيار المناسب لشريك أو شريكة الحياة قبل الإقدام على الزواج، ولاسيما معرفة واختيار النمط الذي يقارب السمات الشخصية لكل من الزوجين، والمرونة في التعامل بعد الزواج، وطلب المساعدة من الطبيب سواء كان طبيب أسرة أو أخصائيا نفسيا، بالإضافة إلى الحوار بين الزوجين، ومعرفة وجهة نظر كل منهما للآخر من حيث السلبيات والإيجابيات ونقاط القوة والضعف. وشدد الخالدي على أهمية التوفيق والتقريب بين الزوجين، وتحقيق الاحتياجات العاطفية من خلال إظهار مشاعر الحب، وتبادل الرسائل العاطفية، وتحديد السمات السلبية التي يجب أن يتخلصا منها، والصفات الإيجابية التي يجب اكتسابها.