كما الحكايات القديمة عن هذه المدينةالقدسية الوضاءة، لا يزال الفلسطينيون يخرجون بين أوجاعهم كل يوم قاصدين القدس.. وهل لقلوبهم مهوى غيرها؟ يدغدغون هنا أمنياتهم بالخلاص.. عين على قبة المسجد الأقصى الرصاصية، وأخرى على الذهبية.. وعلى ما تبقى لهم، حتى لو كان الأثر. يغرسون أصابعهم في أرض المسجد، في صلواتهم الخمس، ويمضون إلى منازلهم آناء الليل وعلى جباههم حفنة من ترابها. ثمة العديد من الشواهد الراسخة بأن القدسالشرقية مدينة محتلة، غير أنها في رمضان تكون أكثر رسوخا، فالقدس في هذا الشهر ليست كما في غيره من أشهر السنة. فأحد المشاهد الأكثر تكرارا، هو الزحف المتواصل للمصلين عبر بوابات القدس القديمة إلى المسجد الأقصى والذي يصل ذروته في ليلة القدر، وهي الليلة الوحيدة التي تفتح فيها أبواب المسجد سنويا أمام المصلين على مدار الساعة. وبتفاؤل.. يتساءل الفلسطينيون عما إذا كانت ساحات المسجد ستتسع للمصلين، يوم يتمكن سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إلى المسجد، وهم المحرومون منه بفعل الإجراءات والقيود الإسرائيلية. وللقدس كسوتها الخاصة في هذا الشهر، فلجان الأحياء في القدس القديمة تعمد إلى تزيين أزقتها بالأضواء، التي تعطي لمسة خاصة لشوارع القدس القديمة لا تتوفر في باقي أيام السنة. ليلة الخميس، هي طقس خاص هنا، حيث تخرج فرقة في استعراض ديني مبهج من باب حطة إلى شوارع القدس القديمة، ويلتف حولها المصلون والأطفال والنساء معبّرين عن سرورهم، في مشهد يعيدك إلى سنوات طويلة خلت.