منذ الإعلان عن دخول شهر رمضان، والأسر السعودية تعيش حالة من الاستنفار القصوى بغية تأمين مستلزمات مائدة الإفطار على وجه الخصوص. وفي شوارع مدينة الرياض، تشهد المحلات التجارية ازدحاما شديدا من قبل المتسوقين، الذين امتلأت جيوبهم بقوائم طلبات لا حصر لها، رغم أن الأسر تؤمن مستلزماتها خلال الأيام الثلاثة التي تسبق حلول الشهر، إلا أن ذلك لا يبدو كافيا، فالتبضع من المحلات التجارية واستكمال موائد الإفطار مستمر حتى نصف الساعة الأخيرة قبل الإفطار وحلول الأذان. ورصدت "الوطن" الظاهرة وأرادت أن تعرف السبب وتوجهت إلى إحدى الأسواق الشهيرة بالرياض، والتقت بالمتسوقين الذين أكدوا أنهم ضحايا إما لكتب الطبخ أو لعادات شخصية أو لطلبات قد لا تبدو منطقية، ولكنها ضرورية لدى "الزوجة". وأبدى أحد المتسوقين في نصف الساعة الأخيرة من الصيام إبراهيم التركي أنه لا يريد الخروج في مثل هذا التوقيت، وأنه يفضل قراءة القرآن على الخروج والعناء لكن ما يجبره على ذلك، هو رغبته في الإحسان لأهله إضافة إلى شراء بعض الطلبات التكميلية، محملا كتب الطبخ لدى الأمهات السبب في عناء كثير من الآباء قائلا "لو افتكينا من كتب الطبخ احنا بخير". أما عايض القرني فقد أوضح أن خروجه ليس بالشكل اليومي ويتحسب على "البصل" الذي حرمه من الراحة والاسترخاء في هذا التوقيت وأجبره على الخروج لاستكمال ما تبقى من أصناف مائدة الإفطار، مختتما حديثه بقوله "لا أوصيك في السمبوسة والمكرونة تراها شي". وأكد حسن الجعيدي الذي يعمل مستشارا للعلاقات العامة في إحدى الشركات، أنه لا يحرص على الشراء لرمضان، معللا ذلك بقوله "ما الذي تغير فكل شيء موجود في المنزل سواء في رمضان أو غيره" لكن بعض الأشياء التكميلية مثل الخبز واللبن هي التي نبحث عنها قبل الأذان. بدوره وجه سعيد القحطاني عتبه لبعض الشركات التي تبيع منتجاتها بأسعار مختلفة من سوق لأخرى، وذكر أن ذلك حتّم عليه شخصيا الذهاب إلى أكثر من مكان للتسوق، وهذا ما يجعله متواجدا في مثل هذا التوقيت، وأردف: أن ثقافة المجتمع أصبحت تهتم بالكماليات أكثر من الضروريات، وعلى الرغم من كونه لا يحبذ هذا الأمر إلا أنه مجبر على مواكبة الحياة وتأمين رغبات عائلته. وذكر إبراهيم الحمد أنه خرج من بيته لشراء غرض بسيط ولم يشعر بنفسه إلا بعد أن ملأ عربة التسوق بالمشتريات، وقال "الجوع يخليك تأخذ كل شيء" وأضاف "أحيانا اشتري أي شي بس عشان تتعلم بنتي الطبخ وما ترجع لي بعد الزواج". من جهته، ألقى عبدالله الحربي باللوم أيضا على كتب الطبخ على الرغم من عدم رغبته في التسوق، وصديقه خالد الحسيني يراهن "الوطن" على صدق كلامه ويضيف بأنه سيكون متواجدا يوميا في مثل هذا التوقيت للشراء، فيما أبدى سعيد الغامدي استياءه من عادة المجتمع السعودي في الإفطار. وتجاوز بعض المتسوقين حالة التشاؤم ليصل إلى الإحباط، إذ يشير ناصر الصعب إلى أن الثقافة الشرائية السيئة لدى المجتمع لم نقتصر على ممارستها فقط، بل أصبحنا نصدرها إلى الدول العربية قائلا "المشكلة مو فينا بس حتى الأجانب علمناهم اشلون يبذرون مثلنا". وموسى العسيري يعتبر حالة خاصة فهو الوحيد الذي أشار إلى أنه هو من أراد الخروج في هذا التوقيت وليست زوجته وتحدث عن سبب خروجه قائلا "أطلع لسببين الأول أطلع الأطفال من المنزل عشان الحريم يشتغلون صح والثاني عشان القشطة مع التمر لازم اشتريها". وهناك عدد كبير من المتسوقين رفض الحديث إما لضيق الوقت أو لرغبته في الخروج، وهناك من أعلنها صريحة، وقال "أنا تكفيني لقافة أطفالي مو فاضي للقافتكم بعد".