يتنقل بين أروقة حراج الصواريخ في جدة، عارضا بضاعته على المارة، آملا في أن يعود آخر اليوم بما يسد رمقه ورمق أسرة تحمل عبئها رغما عنه، حيث تخلى عنهم عائلهم الوحيد، الذي لا يعرفون سواه، بعد أن تنكر لهم جراء مطالبته بتصحيح أوضاعهم واستخراج أوراق ثبوتية تجعلهم يعيشون كمواطنين. ويحكي إسماعيل ذو ال16 ربيعا قصته إلى "الوطن"، التي قد تتشابه فصولها مع قصص أخرى كثيرة، مشيرا إلى أن والده طلق أمه غير السعودية بعد أن أنجب منها 4 أبناء ثمرة زواج لم يوثق نظاميا، لكن شهد عليه 3 ، أحدهم سعودي من أقاربه، وتم إشهاره في أحد المساجد وفق الشرع. ويشير إلى أنه طالب والده مرارا بتصحيح أوضاعهم لكنه لم يجد منه سوى المماطلة، مضيفا "كان رده قاسيا حينما أصررنا على تصحيح أوضاعنا، حيث طلق أمي وهجرنا جميعا". واسترجع إسماعيل بنبرة حزن وألم الفترة التي قضوها مع والدهم، بقوله "عشنا أسرة سعيدة مستورة براتب والدنا البسيط"، مضيفا "لم يعكر صفو حياتنا سوى مماطلة أبي في استخراج أوراقنا الثبوتية"، مفيدا بأنه يعمل رجل أمن في إحدى الشركات الخاصة. وأشار إلى أنهم حرموا من التعليم، ولم يتمكنوا من تلقي العلاج في المستشفيات، لعدم وجود هوية لهم أو أي أوراق ثبوتية أخرى، إلى جانب عدم استطاعته الالتحاق بأي وظيفة، حيث تقدم لجهات عدة لكن طلبه قوبل بالرفض، باعتباره مجهول الهوية. وأضاف أنه اجتهد حتى جمع الشهود الثلاثة على زواج والده وطالبه بتوثيق الزواج بورقة رسمية، والبدء في إجراءات التوثيق واستخراج أوراق ثبوتية، قائلا "على الرغم من تدخل جهات عدة للوساطة بيننا إلا أن تخوفه من المساءلة القانونية وجهله بالأنظمة جعله يرفض ويصر على موقفه". وأفاد مدير عام إدارة الأحوال المدنية بجدة غازي البشر بأنه لا يوجد أي مانع من حصول الأبناء على وثائق وهويات وطنية، طالما أن الأب والأبناء موجودون في المملكة ويحمل الأب هوية وطنية، ومعترف بأبنائه حتى وإن لم يوثق الزواج في المحكمة. وطالب الأب بالتقدم بطلب الهوية الوطنية لأبنائه، حيث ستبحث الأحوال المدنية حالتهم، وإن استوفوا الشروط، وثبت أن الأب متزوج من الأم وفق الشريعة الإسلامية وحضر الشهود، فإن حصولهم على الهوية الوطنية أمر طبيعي، ويحصل الأبناء الذين يزيد عمرهم على 15 عاماً على هوية مستقلة، فيما سيضم الصغار مع والدهم في بطاقة الأحوال. وأشار عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان خالد الفاخري إلى تعليمات الجهات المسؤولة المتعلقة بضرورة تصحيح أوضاع أطفال السعوديين المقيمين في المملكة الذين لا يحملون الهوية السعودية، مضيفا "طالما أن والدهم يحمل الهوية الوطنية، فعليه أن يتقدم للجهات المختصة لتصحيح أوضاع الأبناء". ولفت إلى أن اتفاقيات حقوق الطفل تنص على ضرورة توفير التعليم للأطفال والنشء، ملمحا إلى أن التعليمات في المملكة تنص على ضرورة التعليم للأطفال، مطالبا والدهم بسرعة الرجوع للجهات المختصة لتوفير الهوية الوطنية، موضحا أن الجمعية تتواصل مع الجهات ذات العلاقة لحل مشكلات الحالات المشابهة لذلك.