تتزامن الخطوات المتواصلة لتغذية جدة بمشاريع نوعية لحمايتها من السيول مع إجراءات مضادة تلاحق الاتهامات بالفساد التي كانت أصل بلاء وما وصلت إليه جدة من حال وما تعرضت له من كوارث مطرية أهلكت البشر والأرض. وكانت لوائح الادعاء التي قدمتها هيئة التحقيق والادعاء العام ضد متهمين بالتسبب في كارثة سيول جدة، عن فوضى كانت تعيشها مشاريع تصريف السيول، وسط عدم متابعة دقيقة من الجهة المشرفة على تلك المشاريع بأمانة المحافظة. وتضمنت بعض لوائح الادعاء التي اطلعت عليها "الوطن"، تنفيذ مشاريع لتصريف مياه الأمطار، ودرء أخطار السيول في غير مواقعها المحددة، مما يعني أن الجهات التي تتناوب على اقتراح مواقع المشاريع، وتنفيذها والإشراف عليها تعيش بمعزل عن بعضها دون تنسيق أو رقابة. وكانت لائحة الادعاء الموجهة ضد مدير سابق لإدارة الإشراف على المشاريع تضمنت إقراره بتنفيذ مشروع لتصريف السيول في غير موقعه الصحيح بحي الروابي الجنوبي بجدة، وتواطئه مع مهندس الشركة المنفذة لعدم فصله من عمله على حساب حياة المواطنين. وكشفت التحقيقات التي أجراها محققو الهيئة، أن الجهات المشرفة على التنفيذ اكتشفت هذه الأخطاء، ومررتها دون محاسبة، موجهة إلى بعض المسؤولين تهم التواطؤ والغش والتدليس لتمرير هذه الأخطاء التي تسببت في إزهاق أرواح وإتلاف ممتلكات. ولم تكتف لوائح الادعاء، بذكر هذه الأخطاء بل طالت مشاريع نفذت في مواقعها المقترحة، ولكن ب "رداءة"، بالرغم من تسلم الجهات المختصة بالأمانة لتلك المشاريع بواقعها المرير، وعدم إخضاعها للشروط والمواصفات المحددة في عقود تنفيذها، مما دفع المحققين لتوجيه تهمة احتمالية الرشوة من قبل مسؤولي الشركات المنفذة. الخطوة المقبلة كما علمت "الوطن" من مصادر مطلعة بهيئة التحقيق والادعاء العام، هي لوائح جديدة انتهت من إعدادها، وستحال للجهات القضائية الأسبوع المقبل، تتضمن تهم تواطؤ مسؤولين بالأمانة مع ملاك مخططات سكنية أغلقوا قنوات تصريف السيول، وتوسعوا في مخططاتهم على حساب بطون الأودية، وغرروا بالمواطنين للسكن في هذه المخططات. وأوضحت المصادر، أن تهم الإخلال بمسؤوليات وواجبات الوظيفة لبعض المسؤولين والمقاولين والاستشاريين الهندسيين جاءت بناء على تسببهم في إزهاق أرواح وإتلاف ممتلكات، وخيانة الوطن، جراء مشاركتهم في إرساء عقود دراسات هندسية تفصيلية لأودية منطقة شرق جدة على شركات هندسية، إلا أن هذه الدراسات لم تر النور، وانسحب منها المشرفون عليها، دون متابعة إنذار ومحاسبة منفذيها، رغم تحميل الدولة ملايين الريالات لقاء تنفيذها. وأضافت أن إجراءات التحقيق التي جرت مع المتهمين كشفت عن ارتكابهم جرائم تتعلق بالرشوة والتفريط في المال العام والإهمال في أداء واجبات الوظيفة، مما يتطلب التحقيق في مشروعية أموالهم، وإحالتها كأوراق مستقلة إلى هيئة الرقابة والتحقيق.