يعتقد كثير من مشجعي كرة القدم في غانا في أن إصابة نجمهم الأشهر، لاعب وسط تشيلسي الإنجليزي مايكل ايسيان التي أجبرته على الغياب عن المونديال كانت نتيجة "لعنة" ألقاها عليه والده الذي يعاني الفقر بينما يشكو من عدم رؤيته لابنه منذ 15 عاماً وفشل في كل محاولات الاتصال به. وفي الوقت نفسه، قال قائد المنتخب الإنجليزي ريو فيرديناند بعد تعرضه لإصابة أجبرته أيضاً على توديع أرض أفريقيا "شخص ما أصابني بلعنة". وحتى الآن تأكد غياب ما لا يقل عن 17 لاعباً معظمهم من النجوم عن أول مونديال يقام بالقارة السمراء، فيما لا يزال سبعة لاعبين على الأقل مشكوك في إمكانية مشاركتهم جراء الإصابة وآخرهم جناح المنتخب الهولندي ونجمه أرين روبن. وفي الوقت نفسه، وصفت وسائل الإعلام غياب كل من الألماني مايكل بالاك والنيجيري جون أوبي ميكيل والغاني مايكل إيسيان والبرتغالي جوزيه بوسينجوا والشكوك التي تحوم حول مشاركة المهاجم العاجي ديديه دروجبا في المونديال بأنها "لعنة تشيلسي" حيث إن جميعهم يلعب ضمن صفوف نادي تشيلسي الإنجليزي الفائز بلقبي الدوري الممتاز والكأس الإنجليزيين لهذا الموسم. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما بال كل هذه اللعنات تصب على رؤوس النجوم ومنتخباتهم التي تعول كثيراً على مشاركتهم في الحدث الكروي الأبرز عالميا؟ وهل هي مجرد مصادفة، أم أن لأرض الأسلاف والمعتقدات القديمة التي يشوبها الغموض وتشتهر بالطلاسم والتعاويذ والسحر دورا في كل ذلك كما يعتقد كثيرون. ففي غانا، ذكر موقع (غانا ويب) الإخباري أن عدداً غير قليل من المشجعين يعتقدون أن والد النجم مايكل ايسيان، وهو جيمس ايسيان استعان بتعويذة "جوجو" وهي تعويذة لجلب سوء الحظ لضمان عدم مشاركة ابنه "العاق" في المونديال. وفي جنوب أفريقيا، الدولة المضيفة للبطولة، أصبح السحر تجارة رائجة حيث ذكرت صحيفة (التايمز) الجنوب أفريقية أن ساحراً ممن يطلق عليهم اسم المعالجين التقليديين يدعى ثابانج خوبيكا، وهو مورد منتظم للعلاجات التقليدية للاعبي كرة القدم بغرب أفريقيا، أقام كشكاً في وسط جوهانسبرج يبيع فيه خليطا يحتوي على "شحوم السنجاب" التي ينصح اللاعبين بدعك القدمين بها لزيادة سرعتهم. وقال خوبيكا إن "السنجاب يجري بسرعة، مثل واين روني.. ولتكون مثله فأنت بحاجة لاستخدام هذا الزيت". وتتكلف شحوم السنجاب المخلوطة بجذور شجرة ما مبلغ 600 راند جنوب أفريقي، أي نحو 78 دولارا أمريكيا. وينصح بها لكل من لاعبي كرة القدم والأشخاص الذين يقيمون دعاوى قضائية لأن كليهما بحاجة لمراوغة الدفاع. ويؤكد موقع (أفريك دوت كوم) الإخباري أن حكايات الشعوذة والسحر الأسود معتادة للغاية في كرة القدم الأفريقية وأن أغلب اللاعبين يستخدمونها للتواصل مع أسلافهم قبيل خوض المباريات الكبرى لمنحهم القوة على التفوق على المنافس. ومن إلقاء التعاويذ على الكرة أو أدوات اللاعبين قبيل المباراة إلى دهان عوارض مرمى الفريق بالخلطات السحرية لإبقاء الكرة بعيداً عن الشباك، يعتقد الأفارقة أن "رجال الجوجو" أي السحرة يفعلون المعجزات. وغالباً ما يحرص المشجعون في الوقت الذي يتابعون فيه مجريات المباراة داخل المستطيل الأخضر، على مراقبة أشخاص مثيرين للشبهات يقفون على خط الملعب بينما يحاولون تغيير مسار المباراة. وعندما يؤدي فريق أفريقي ما مباراة بشكل سيىء ،ومفاجئ، فإن بعض مشجعيه يسارعون إلى القول أن أحداً ما ألقى بتعويذة على اللاعبين والمباراة. ونظرا لأن السحر والتعاويذ والطلاسم تمثل جزءاً لا يتجزأ من ثقافة وموروثات الشعوب والقبائل الأفريقية ومعتقداتهم الدينية فإنهم لا يشعرون بأن استخدامها في كرة القدم يخل بمبدأ اللعب النظيف وتساوي الفرص. ويقول جون موشويو، وهو لاعب جنوب أفريقي دولي سابق لعب في صفوف منتخب جنوب أفريقيا الفائز بكأس أفريقيا 1996 لصحيفة (التايمز) الجنوب أفريقية، إن ارتداء المهاجم البرازيلي ريكاردو كاكا "تي شيرت" مكتوب عليه "أنتمي للمسيح" تحت فانلة فريقه يمثل الطريقة المعادلة لاستخدام التعاويذ السحرية لدى أبناء أفريقيا، بينما شبهها آخر بأنها المعادل الأفريقي لطقوس المناولة في المسيحية. ولكن هل أفلحت تلك المحاولات في السابق؟ يذكر موقع (أفريك دوت كوم) أنه في عام 1974 رافق منتخب نمور زائير (الكونجو الديموقراطية حالياً) فريق من السحرة خلال مشاركتهم في كأس العالم لكرة القدم غير أن الفريق مني بالفشل أمام منتخبي البرازيل وأسكتلندا قبل أن يتلقى هزيمة قاسية على يد يوغسلافيا التي انتزعت أنياب النمور بالفوز 1/9. أما عام 2007، فوقعت حادثة مثيرة خلال التصفيات المؤهلة لبطولة الأمم الأفريقية لعام 2008 حيث كانت بنين أمام توجو يذكرها موقع (أوول أفريقا) الإخباري، مشيراً إلى أنه من المعروف أنه من الصعب هزيمة منتخب بنين عندما تكون المباراة على أرضه، غير أنه خلال المباراة أمام توجو فشل لاعبو بنين في إحراز أي أهداف على الرغم من هجماتهم المتتالية. وكان يجلس بين المشجعين مشعوذ من بنين، باغت الجميع بانطلاقه نحو الملعب ليختطف تميمة خشبية كان حارس المرمى التوجولي قد علقها في مرماه لحمايته.. الغريب أنه في الدقائق التالية أحرز لاعبو بنين ثلاثة أهداف. ربما لم يتسن التأكد بشكل قاطع ما إذا كان لهذه المعتقدات والممارسات تأثير حقيقي على مجريات الأحداث في مباريات كرة القدم، ولكن ستظل هذه اللعبة تحظى بشغف الجميع في أفريقيا والعالم وسيظل الجميع بانتظار الاستمتاع باللعبة الحلوة والأهداف المتعددة بغض النظر عن السبب وراء حدوثها سواء كانت خطة مدرب محكمة أو مهارة لاعب موهوب أو تعويذة مشعوذ ماهر، فكل شيء ممكن على أرض أفريقيا السمراء الساحرة.