ما بين الرياض عاصمة للثقافة العربية 2000 ومكةالمكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية 2003، وبين صدور الأمر السامي رقم 4730 / م ب وتاريخ 9/ 6/ 1431 بالموافقة على اقتراح وزير الثقافة والإعلام لترشيح المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013 واستضافة الدورة الثامنة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة في المدينةالمنورة في ضوء ما قررته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسسكو)، مسافة أكثر من عقد من الزمن، تعطي تطلعات المراقبين آفاقا أكثر اتساعا للاستفادة من التجربتين السابقتين، بما ينعكس إيجابا على اختيار المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية. وإذا كان أمير المدينةالمنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد أكد في كلمته التي ألقاها أول من أمس بمناسبة إعلان المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013، أن جميع مدن العالم تحشد جهودها لتشكيل هويتها الخاصه لافتاً الانتباه إلى أن مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة ليستا بحاجة لهذا الحشد لصبغتهما بنور التوحيد والإيمان، فلا ينافسهما في ذلك أية مدينة، يذهب مختصون إلى أهمية وضرورة التمعن في المتغيرات خلال السنوات التي أعقبت اختيار الرياضومكة. فوكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الدولية سابقا الدكتور أبو بكر باقادر والذي أسهم إبان إشرافه على ندوة الحج الثقافية في بلورة جزء من نشاطات مكة عاصمة للثقافة الإسلامية يرى أن: مكة كانت تجربة أولى، وعلينا الآن الاستفادة من تلك التجربة، مع ضرورة الاطلاع على نوعية النشاطات والأساليب التي اتبعتها الدول والمدن المختلفة لتفعيل هذه المناسبة، إذ يمكن - مثلا - تفعيل دور المؤسسات الثقافية القائمة حاليا في المدينة مثل مركز أبحاث المدينة، إضافة إلى نشر وطباعة كل مايتعلق بالمدينةالمنورة. ويتابع أنه: يمكن تنفيذ سلسلة واسعة من النشاطات لكل الدول الإسلامية، وحتى الأقليات المسلمة خارج العالم الإسلامي، والتأكيد على أن الاحتفال بالمدينة عاصمة للثقافة الإسلامية فيه قدر من التداخل ما بين الرسمي ومؤسسات المجتمع المدني، بل ويحضر فيه حتى البعد الدولي بما للمدينة من قيمة تاريخية وبعد حضاري مشرق. هذا البعد الحضاري هو ما شدد عليه الأمير عبدالعزيز في كلمته حين قال: وكم هو جميل أن يلتقي المسلمون في هذا المكان الطاهر لترسيخ مفهوم الوحدة الثقافية الإسلامية وتكريس قيم التسامح والوسطية ونبذ كل أشكال التطرف والإرهاب، لافتا إلى أن هذه المناسبة تعني الكثير للمملكة بحكم دورها الريادي وكونها في المدينةالمنورة سيترتب عليها مسؤولية أكبر بأن تكون متناسبة مع عظم المكان وأهميته. بينما لفت وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة إلى مفهوم تواصل الحضارات والانفتاح على الثقافات حين أشار في كلمته التي ألقاها عقب إعلان المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية إلى ما مرت به الثقافة الإسلامية وفضلها بين الأمم وانفتاحها على ثقافات الأمم، وأوضح أن الأساس الذي قامت عليه الثقافة الإسلامية هو فضيلة التعارف والحوار، ما يعني أنه أصل من أصول النظرة الإسلامية للأمم والثقافات والمجتمعات التي استوعبت الثقافة الإسلامية وأنزلتها منزلة محترمة في سلم الحضارات، مضيفا أنه مهما تنوع الحديث عن الثقافة الإسلامية وتفرع فإنه ينتسب إلى الأرض الطيبة المدينةالمنورة التي تكونت فيها الأصول الأولى لهذه الثقافة الإسلامية، ففي المدينةالمنورة تكونت أسس العلوم الإسلامية في العلوم والقرآن والفقه والأدب والتاريخ. أما المسجد النبوي فكان الجامعة الأولى للعلوم العربية والإسلامية. المراقبون ينتظرون الآن عقب هذا الإعلان خطوات وزارة الثقافة والإعلام والجهات المعنية وفي مقدمتها إمارة منطقة المدينةالمنورة للتماهي مع المتغير وتجاوز فعاليات ونشاطات تجربتي الرياض عاصمة للثقافة العربية ومكة عاصمة للثقافة الإسلامية لتحضر المدينةالمنورة بما هو أجمل وبما يليق بعراقة وعمق المدينة الحضاري والوجداني.. وسط تساؤلات مشروعة تبدأ بكيف ولا تنتهي أو تتوقف عند لماذا.