إذا كنت من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، و"تويتر" وشاهدت صور الأعضاء المشتركين في هذه المواقع وقد تم قلبها رأساً على عقب، فلا تستغرب ذلك، فهؤلاء متضامنون مع حملة تم إطلاقها أخيراً على هذين الموقعين، تحت شعار "اقلب الصورة" تضامناً مع قضية البدون "غير محددي الجنسية"، التي تعاني منها بعض دول الخليج، حيث تم تدشين هذه الحملة كتعبير سلمي للمطالبة بحقوقهم، واحتجاجاً على ما تعانيه هذه الفئة من صعوبات تعليمية وصحية وخدمية، جعلت منهم مهمشين في مجتمعاتهم. وخصص المغردون على موقع "تويتر" وسماً لمناقشة هذه القضية وهو #eqleb، ونشط المغردون من خلال هذا الوسم في طرح آرائهم حول هذه القضية، والبحث عن الحلول لمشكلاتهم، كما تطرقوا إلى العديد من الموضوعات المتعلقة بأحوال ال"بدون" وما آلت إليه. وبالرغم من أن الحملة لم يمض على تدشينها في مواقع التواصل سوى أربعة أيام، إلا أن الآلاف من المشتركين سارعوا بالانضمام لها من مختلف الجنسيات، فمنهم الخليجيون والعرب والأجانب، وقاموا بقلب صورهم بغية لفت الانتباه إلى قضية ال"بدون"، مطالبين بسرعة سن قوانين وإجراءات نظامية، تكفل لآلاف الأسر الحصول على كافة حقوقهم المدنية والاجتماعية، حيث لقيت الحملة تأييداً واسعاً حتى من خارج دول الخليج، مؤيدين فكرة التعبير السلمي عبر هذه المواقع، فقاموا بقلب صورهم، وكأنهم يريدون القول بأن أحوال البدون باتت مقلوبة رأساً على عقب. وتأتي هذه الحملة السلمية بعد قرارات شهدتها دولة الكويت بسحب بطاقات الهوية لغير محددي الجنسية، تحت ذريعة القيد الأمني، في خطوة اعتبرت غير قانونية ولا تحمل أي مسوغات، مما شكل معارضين ومنتقدين لهذه الإجراءات، لاسيما أن بطاقات الهوية الخاصة بغير محددي الجنسية ال"بدون" تقوم مقام البطاقة المدنية، التي تسهل للشخص الحصول على العلاج والدراسة، والحصول على الخدمات البنكية وغيرها من الخدمات التي تتطلب إثبات هوية للشخص، الأمر الذي يعد تهديداً لهذه الفئات، وزيادةً للضغوط عليهم، مما يثير مخاوف حول انعكاساتها في المستقبل على الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، فضلاً عن أن هذه الإجراءات لم يتم من خلالها مراعاة الجانب الإنساني. وحاول المغردون طرح عدد من الحلول العاجلة، التي يرون أنه ينبغي على الجهات المعنية في هذه الدول تطبيقها للبعد عن دائرة الاضطهاد، وبالرغم من هذه المطالبات والتأييد إلا أن الكثير من المتعاطفين مع الحملة أبدوا عدم تأييدهم لمطالب البعض بمنح ال"بدون" الجنسية على وجه الإطلاق، مقتصرة مطالبهم على المناداة بقوانين تكفل لغير محددي الجنسية الحصول على حقوقهم من صحة وتعليم وخدمات ضرورية. ولم تخل النقاشات التي دارت الأيام الماضية من انتقادات شخصية استهدفت بعض القائمين والمسؤولين عن أوضاع غير محددي الجنسية في دول الخليج، معتبرين أن هذه الشخصيات تساهم في الاضطهاد من خلال تصعيب الإجراءات الحكومية، والقرارات التعسفية التي يتخذونها ضد ال"بدون"، مؤكدين أنها ضرب على وتر الوطنية وإقحام القضايا الإنسانية في اللعبة السياسية، ومطالبين بتوفير الحياة الكريمة لهم.