إجماع إسلامي «قديماً» و«حديثاً» على حق المرأة في التعليم    حسابات السومة    أكثر من 90 دولة تشارك في مؤتمر التعدين الدولي    «التعليم»: الفحص اللياقي.. شرط لقبول الطلاب المستجدين العام القادم    «دلة البركة» توقّع اتفاقية تعاون مع شؤون حجاج الصين    حج آمن    "سلامة الأغذية" بالرس يحصل على "الأيزو"    المملكة والسَّعي لِرفع العقوبات عن سورية    "أميركا الجديدة.. وعصر المليارديرات"    سعود بن بندر يستقبل مدير الالتزام البيئي ورئيس «رياضة الأساتذة»    الأهلي يصطدم بالخلود.. وصراع «الوسط» ب «ديربي الرياض»    الشباب ينهي عقد كويلار    الاتحاد يتخلى عن صدارته    فيصل بن بندر يطلع على أعمال أمن المنشآت    المتحدث الأمني لوزارة الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    أمير الشرقية يتسلم تقرير الملتقى العلمي    فيصل بن نواف يطلق ملتقى «جسور»    أمير القصيم يدشن مشروعات محافظة أبانات    الذهب يرتفع.. و«السيارات وقطع الغيار» تتصدر مكاسب الأسهم الأوروبية    البروتين البديل    سعود بن خالد يشهد اتفاقية «الفاحص الذكي»    مستشفى المذنب يُجري 1539 عملية جراحية    مفتي الطائفة العلوية ل«عكاظ»: السعودية محل ثقة.. ودورها محوري في سورية    «أمن الدولة»: انتقلنا من مرحلة توفير الأمن إلى صناعته    مدير الجوازات: أجهزة ذكية لقياس مدة بقاء الحجاج في «الكاونتر»    زمن السيارات الصينية    منشأة خامسة لأرامكو السعودية تدخل قائمة "المنارات الصناعية"    زراعة البن .. إرث أصيل ومحصول واعد    مجلس الوزراء: تشكيل لجنة مركزية دائمة للجهات الأمنية في المنافذ الجمركية    من أعلام جازان.. الشيخ الجليل ناصر بن خلوقة طياش مباركي    صراع «الفاشنيستا» تديره فَيّ فؤاد    الدبلوماسي الهولندي ما رسيل يصف بعض جوانب الحياة في قنا حائل    ابو قلبٍ مريح    أمريكا والتربية    م ق ج خطوة على الطريق    احتفاء ب"الحرف اليدوية"    الاحتلال يواصل رفض وصول المساعدات إلى غزة    ولي العهد ورئيس البرازيل يبحثان تطوير العلاقات    برينتفورد يفرض التعادل على مانشستر سيتي بالدوري الإنجليزي    مفوض الإفتاء في جازان يحذر من خطر الجماعات المنحرفة خلال كلمته بالكلية التقنية بالعيدابي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح» مؤتمر ومعرض الحج 2025»    يا رجال الفتح: كونوا في الموعد    "سلمان للإغاثة" يحلق عالمياً    بايدن يرفع كوبا عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب وهافانا ترحب    الآثار المدمرة بسبب تعاطي المخدرات    «الغذاء والدواء»: الجنسنغ بجرعات عالية مضر بالصحة    أفكار قبل يوم التأسيس!    انطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين" غدًا في جازان    ألمانيا.. بين دعم السلام والأسلحة الفتاكة!    الدكتور علي مرزوق إلى رتبة أستاذ مشارك بجامعة الملك خالد    أنسنة متنزه رغدان    هل انتهت كرة السلة في المدينة المنورة ؟!    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لانجازات واعمال فرع وزارة التجارة    بخاري: انتخاب عون و«الاستشارات» يسهمان بتعزيز نهضة لبنان    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة السماري    إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد العمري.. قصة بطل تقدم ركب الشهداء في معركة الشرف والكرامة
نشر في الوطن يوم 09 - 06 - 2010

سعيد العمري.. البطل الذي كثر حوله الجدل: هل عاد الرجل أم لم يعد، أم لعله لحق بشهداء الوطن الأبرار خلال معارك جبل دخان؟. جاءت الأنباء لتؤكد عودته سالماً غانماً، ثم عادت الأنباء من جديد ولم يعد هو، ومهما اختلف النبأ فسوف يبقى ذلك الاسم الذي طالته يد الخيانة شهيدا في ضمير الوطن.
إنه الشهيد المقدم مظلي ركن سعيد بن محمد العمري، قائد الكتيبة 85 التابعة لقوات الأمن الخاصة والمظلات بالمنطقة الشمالية الغربية، التي لم يثنها استشهاد قائدها عن كشف الكثير من مواقع المتسللين على طول الخط الحدودي بين المملكة واليمن الشقيق، بل تمكنوا كذلك من قتل من أوهم نفسه بأنه زعيم أثناء تحصنه بين الجبال.
ذاك هو البطل الذي يرى ما لا يراه الآخرون، ويتمتع بوعي عميق وإدراك دقيق ينبعان من عزم وإرادة، الهدف لديه أكبر من الحاجة، والرسالة عنده أسمى من الرغبة، الجسد أهون عنده من أي شيء آخر، والروح أغلى من الدنيا بأسرها، تحكمه القيم ويحتكم إليها، هو سعيد بن معتوق بن محمد العمري، المولود في محافظة النماص (150 كلم شمال أبها) عام 1388 ، الذي جاء ميلاده في بني عمر بقرية آل الشيخ، إحدى قبائل بني عمر.
عمل ضابطاً باللواء المظلي التابع للقوات البرية، وشارك في حرب تحرير الكويت وفي قوات حفظ السلام بالصومال عام 1993، وعلاوة على ذلك كان يعد من أفضل الكوادر المظلية بالمملكة، منهيا قبل نحو شهر من استشهاده دورة تدريبية في مجال عمله بفرنسا.
تلبية نداء الواجب
إنه صاحب الإجابة، الذي لبى النداء قبل أن يلقي النظرة الأخيرة على أطفاله الخمسة: شهد (17 سنة) ومودة (13 سنة) وأسيل (9 سنوات) وهمس (7 سنوات) وشادن ( 3 سنوات) إضافة للابن خالد (16 سنة). ولأن النداء أولى وأسمى من مشاغل الدنيا، ذهب الرجل إلى الحد الجنوبي ليوصي من معه بالطهارة، ويؤدي صلاة الظهر والعصر جمعا، وقبل هذا وذاك كان يوصي رفاقه في الكتيبة بالطهارة، لتكون الصلاة ثم القتال ثم الشهادة آخر أعمال الشهيد العمري.
بدأت قصة ذاك الرجل منذ صباح الأربعاء 4 / 11 /9 200 حينما لبى نداء الواجب مغادرا منطقة تبوك هو ورفاقه من الكتيبة الخاصة ال 85 على متن طائرة عسكرية أقتلهم على وجه السرعة إلى منطقة جازان، والهدف هو مساندة الوحدات المشاركة في حسم المسألة عسكريا. وما إن جاء اليوم التالي وأشرقت الشمس بنور ربها حتى بدأ المقدم سعيد إلى جانب أركانات القوة في التخطيط والتكتيك للعمليات العسكرية التي كان مقررا لها أن تبدأ بعد ظهر يوم الخميس 5 / 11 / 2009 م.
تضارب الأبناء
اقتربت ساعة الصفر، وأخذ الرجل هو وزملاؤه في الوضوء وتأدية صلاة الظهر والعصر جمعا، وما إن حانت ساعة الصفر حتى استقل سيارته الحربية "همر" متجها لمواقع محددة، فيما كان يتقدم مركبته فريق آخر يسمى بفريق الاستطلاع.
في الناحية الأخرى كانت مجموعة من المعتدين يختبئون خلف الصخور، وحينما وصل المقدم سعيد العمري هو والقوة التي كانت ترافقه أدركوا أنهم وقعوا في فخ غاشم. وبدأ صوت الرصاص ينطلق من كل حدب وصوب، حينها شاءت الأقدار أن يسقط المقدم سعيد العمري شهيدا، بعد أن استقرت رصاصة غادرة في رأسه، غير أنه لم يكن معلوما حينها لزملائه.. ما هو مصير الرجل: هل استشهد أم أسر أم فقد؟.
ولعل تلك الجزئية بالذات فتحت أبواب التكهنات على مصراعيها، ليس على مستوى وسائل الإعلام وحسب بل حتى على مستوى رفاقه الذين أشغلهم كثيرا غياب قائدهم. وسرعان ما سرت معلومات وتقارير إعلامية مفادها عودة المقدم سعيد العمري إلى وحدته العسكرية سليما معافى بعدما تمكن من الحصول على خرائط وإحداثيات ووثائق هامة تتعلق بالمعتدين. وذهب البعض الآخر إلى ما هو أبعد من ذلك، فقيل إن الرجل قتل ثلاثة من المعتدين وأصيب هو بثلاثة أعيرة نارية في صدره، وجرى نقله على وجه السرعة الى المستشفى العسكري الميداني للعلاج. وفي المقابل كانت أسرة المقدم سعيد تعيش وسط دوامة من الأخبار المتضاربة التي تؤكد عودة الرجل وأخرى تشير إلى فقدانه وثالثة تلمح إلى استشهاده، إلى أن تدخل مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان مغلقا أبواب التوقعات، قائلا في إجابة على سؤال لأحد الاعلاميين: هذا كلام غير صحيح، وأمنيتي أن أضحي بنفسي من أجله، لكن إلى الآن يعتبر مفقوداً لأننا لم نر الجثة، ولكن حسب التقارير الأكيدة، فقد بلغ والده مني شخصياً أنه مفقود والأرجح أنه شهيد، ليحسم بذلك الجدل الذي اكتنف غياب الرجل.
العثور على الجثة
وربما شاءت الأقدار أن يأتي تصريح الأمير خالد بن سلطان قبل أيام من العثور على جثة المقدم سعيد العمري الذي وجد جثمانه هو واثنين من رفاقه في أحد الأودية المتاخمة لجبل دخان على الشريط الحدودي، ليتم نقلها إلى المستشفى، فيما تمكن زملاؤه في الكتيبة من التعرف على جثة قائدهم، بالرغم من غياب أغلب ملامح الوجه.
وهنا أبلغت القوات المسلحة أسرة الشهيد بالعثور على جثمانه وفقا لما أكده حينها النجل الأكبر للشهيد خالد الذي أشار إلى أن الأسرة تلقت اتصالا هاتفيا من قبل قائد القوات المظلية الخاصة الأمير اللواء فهد بن تركي، أكد خلاله أنه تم العثور على جثمان شهيد الوطن بعد جهود رجال القوات المسلحة التي تكللت بالعثور عليه وعلى عدد من زملائه، ليتم تشييع جثمانه في محافظة صامطة بحضور عدد من الأقارب وزملاء الشهيد من أفراد الكتيبة.
قصة الاستشهاد
ويروي الجندي أول محمود زين أحد زملاء الفقيد قصة ذلك اليوم الذي ودع فيه سعيد العمري الدنيا قائلا "في اليوم التالي من وصول الكتيبة إلى مسرح العمليات، صدرت توجيهات قائد الكتيبة بالتحرك إلى أحد المواقع القريبة من جبل دخان، وكانت مهمتنا تتلخص في الاستطلاع إلى جانب تمشيط المنطقة، وبعد أن استقر بنا الحال في أحد الأدوية التي يحيط بها عدد من الجبال، تعرضنا لوابل من الرصاص من كل الاتجاهات فأصيب العديد من أفراد الكتيبة".
ويضيف زين "كان المقدم سعيد هو واثنان معه في مقدمة الصفوف، وبعد فترة من توقف الرصاص، بدأت تتضح الأمور، وشاهدت المقدم سعيد ملقى على الأرض، فأوعزت إلى أحد الزملاء لكي يتحرك لانقاذه، غير أنه وبمجرد اقترابه من المقدم تجدد إطلاق النار مما استدعى تراجعه بعد إصابته هو الآخر بطلقتين. هنا طلب منا قائد السرية التراجع إلى الخلف لإعادة تنظيم الصفوف مجددا، وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي أرى فيها المقدم سعيد، ولم أكن أعلم حينها، هل الرجل استشهد أم أصيب".
ويستطرد زين قائلا "تجدد إطلاق النار مرة ثالثة وبضراوة، مما دفعنا إلى التحرك في اتجاهات متفرقة، وبعد مسافة من المشي على الأقدام انتهى بنا الحال إلى أحد الأودية حتى شاهدنا دورية تتبع للقوات المسلحة اليمنية، والتي بدورها قامت بنقلنا إلى منفذ الطوال، وكنا على أمل أن نجد المقدم سعيد في مقدمة مستقبلينا، لكن شيئا من ذلك لم يحدث الأمر الذي عزز من فرضية استشهاد الرجل، إلى أن تأكد ذلك فعلا، بعد أن تم العثور عليه يرحمه الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.