استمرت أزمة البكتيريا القاتلة إي كولاي في ألمانيا أمس، رغم إعلان المسؤولين عن تراجع وتيرة حالات الإصابة الجديدة، في وقت تزايدت فيه الدلائل على أن مزرعة براعم قد تكون مصدرا للعدوى. وأعلن وزير الصحة الألماني، دانيال راد أمس عن انخفاض "كبير" في الحالات الجديدة للإصابة ببكتيريا إي كولاي التي أدت إلى وفاة 27 شخصا في أوروبا حتى الآن، وقال "لا يمكنني بعد رفع التحذير، لكن لدينا الآن أسباب تدفع إلى الاعتقاد بأن هناك أملا: أعداد الإصابات الجديدة تتراجع بشكل مستمر". وأضاف "ذلك يعني أنه يمكن بالتأكيد أن تكون هناك حالات جديدة، وللأسف وفيات إضافية لكن عدد الإصابات الجديدة يتراجع بشكل كبير"، وتابع "ذلك يثبت أن المرحلة الأسوأ فيما يتعلق بهذا المرض قد أصبحت خلفنا". وفيما لا تزال السلطات الصحية تعمل حتى الآن لكن دون نجاح على تحديد مصدر هذه البكتيريا التي تسبب نزيفا في الجهاز الهضمي، ذكر الوزير بأن "مصدر الإصابة لم يعرف أبدا في 80% من الحالات". ودعا إلى مواصلة احترام إجراءات الوقاية التي أصدرها معهد الرقابة الصحية، الذي نصح بعدم استهلاك بعض الخضار النيئة مثل الطماطم والخيار والسلطات حتى إشعار آخر. وسجلت ولاية سكسونيا السفلى أمس حالتي وفاة لرجل (55 عاماً وامرأة (72 عاماً). وفي هامبورج أعلنت وزيرة الصحة المحلية بالولاية، كارولين شتوركس أمس أن هامبورج سجلت خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية 30 حالة إصابة جديدة بعدوى "إي كولاي"، بينها ست حالات مصابة بمتلازمة انحلال الدم اليوريمي الناتجة عن العدوى. وقالت شتوركس "هذا يؤكد التقديرات التي تشير إلى أن عدد حالات الإصابة يرتفع ببطء عما كان في المرحلة الأولى من انتشار المرض"، إلا أنها أوضحت أنه ما زال من المبكر إلغاء حالة التحذير من المرض. وتكثفت الانتقادات ضد السلطات الألمانية المتهمة بالمبالغة في التحذيرات، لا سيما خارج ألمانيا، لأن ذلك خلف عواقب وخيمة على المزارعين الأوروبيين، وفي مقدمتهم الإسبان الذين أشير إلى منتجاتهم في بادئ الأمر على أنها مصدر البكتيريا، وهو ما تبين لاحقا أنه خاطئ. واعترف وزير الصحة الألماني بضعف التواصل وقال "أعتقد أنه يجب تحسين التواصل، لقد حصل الكثير من التكهنات" حول مصدر الإصابة. أنا بصفتي وزيرا حرصت على الدوام على استشارة الخبراء، رغم أن آخرين أصدروا تكهنات، وذلك خلق بلبلة لدى الناس". في نفس الإطار يعتزم أحد كبار تجار الخضراوات والفواكه في إسبانيا التقدم بدعوى قضائية في ألمانيا بسبب تحذير السلطات الصحية الألمانية من الخيار الإسباني كمصدر لبكتيريا إي كولاي، ومن المتوقع أن يطلب مقدم الدعوى تعويضا كبيرا يقدر بالملايين. وقالت محامية تاجر الخضراوات: إنها تعتزم التقدم بدعوى عاجلة أمام محكمة هامبورج الإدارية. ويمثل التاجر صاحب الدعوى شركة "فرونت" المنتجة للخضراوات والفاكهة العضوية في مدينة ملقة الإسبانية. ويخطط المدعي في القضية لإثبات أن السلطات الصحية في مدينة هامبورج أخطأت عندما أعلنت أن الخيار الإسباني هو سبب الإصابة بالبكتيريا، ولم تقم بالاختبارات الكافية كما لم تراع الاعتبارات القانونية. واكتشفت السلطات الصحية بالفعل البكتيريا في الخيار الإسباني، ولكنها كانت من سلالة أخرى غير السلالة القاتلة المنتشرة حاليا. في الوقت نفسه دافع مفوض الشؤون الصحية في الإتحاد الأوروبي، جون دالي عن طريقة تصدي ألمانيا لموجة الإصابة بالبكتيريا، وقال أمس في برلين عقب اجتماع مع وزراء الصحة وحماية المستهلك في الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات الألمانية: إن خبراء الاتحاد الأوروبي تابعوا الوضع في ألمانيا عن كثب خلال الأيام الماضية، وشعروا بالارتياح لما لمسوه من جهود التصدي للبكتيريا. وأكد دالي أن هذا ليس الوقت المناسب للنقد، وقال "بعد انتهاء الأزمة يمكننا الحديث عن الدروس المستفادة". في هذه الأثناء عثر أطباء من جامعتي جرايسفالد وبون في ألمانيا على دلائل على أسباب المضاعفات الشديدة التي تسببها عدوى بكتيريا إي كولاي. وقال أندرياس جرايناخر، الخبير الألماني في طب نقل الدم، إن هناك الكثير من المؤشرات على أن انتقال العدوى بالبكتيريا يتسبب في تكون أجسام مضادة تهاجم خلايا الجسم نفسه، بالإضافة إلى تكون سم شيجاتوكسين المعروف بالفعل في هذه الحالة. وتؤدي هذه الأجسام المضادة إلى ارتفاع عنصر التخثر الذي يثبط تدفق الدم في مناطق هامة من المخ والكلى. ولا تتكون هذه الأجسام إلا لدى بعض المصابين بعدوى بكتيريا إي كولاي، وخضع عدد من هؤلاء المصابين للعلاج بغسيل الدم. وأكد الأطباء أن النتائج تدعو للتفاؤل. وعثر الخبراء أمس على شكل متحور من بكتيريا إي كولاي في ثمار خيار بأحد صناديق القمامة، واتضح أنها حاوية القمامة الخاصة بعائلة أصيبت بالبكتيريا القاتلة. في هذه الأثناء أكد وزير الزراعة بولاية سكسونيا السفلى غرب ألمانيا جيرت ليندمان تزايد الدلائل على أن مزرعة براعم السلطات بمدينة بيننبوتل بالولاية قد تكون هي مصدر عدوى بكتيريا إي كولاي في ألمانيا، خاصة أنه من المرجح أن تكون عاملة ثالثة في هذه المزرعة أصيبت بهذه البكتيريا في شهر مايو الماضي. كما تبين وجود علاقة بين اثنين آخرين من المصابين بعدوى البكتيريا القاتلة في مدينة كوكسهافن بالولاية وهذه المزرعة المشبوهة، حسبما أوضح ليندمان الذي أضاف:"هذان مصابان تناولا منتجات من مزرعة بيننبوتل".