لا تزال نيران الحريق الذي أتى على خيمة نسائية بنادي الجوف الأدبي في مدينة سكاكا، عشية أمسية للشاعرة حليمة مظفر في يناير 2009، عالقةً في ذاكرة مثقفات الجوف، وتحول الخوف من تكرار حدوث الحريق إلى ما يشبه عقدة نفسية تباعد بينهن وبين كل ما يتصل بالوسط الأدبي والثقافي، إلا ما ندر، رغم جهود المسؤولين بوزارة الثقافة والإعلام لتفعيل النشاط النسائي في المنطقة.. وكان هذا التفسير هو القاسم المشترك في أحاديث المثقفات اللاتي استطلعت "الوطن" آراءهن في عزوف النساء عن الترشح لانتخابات نادي الجوف الأدبي التي انطلقت أمس، ويغلق باب الترشح فيها مساء اليوم. تقول الروائية إلهام الإبراهيم التي يطلق عليها "مثقفة الجوف" إن حرق خيمة الجوف النسائية ساهم في الحد من الأنشطة النسائية في النادي، وأثر بشكل كبير على حضور المرأة للأنشطة والفعاليات الثقافية النسائية، حيث ساءت سمعة النادي وبدأ الأهالي يمنعون بناتهم من المشاركة في الأنشطة والفعاليات، لاعتبارهم أن شيئا خاطئا يحدث فيها أدى إلى اندلاع حريق مرتين. وأكدت الإبراهيم أن هناك فعاليات نسائية لا يحضرها سوى عدد قليل لا يتعدى أصابع اليد الواحدة وجلهم من العاملات في النادي، وأضافت: "أصبحنا نتخوف كثيرا مما سيحدث، حتى إنني ذات مرة سألت طفلة صغيرة عن سبب عدم حضورها فقالت إنها تخشى من الحريق". واستطردت أن القسم النسائي ليس له علاقة بالقسم الرجالي وله أبواب خارجية، وبينت أن هناك توجسا من مشاركة المرأة في العمل الثقافي في الأندية الأدبية، مشيرة إلى أنها هددت بالطرد من عملها إذا ما رشحت نفسها في الانتخابات، مؤكدة أن هذا التهديد لن يمنعها من خوض تجربة الترشح بكل ثقة، منوهةً بالدعم الكبير من وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة. واتفقت معها أستاذة التاريخ الحديث بجامعة الجوف، رئيسة اللجنة النسائية السابقة مها اليزيدي في أن حرق الخيمة خلق تخوفا كبيرا من العمل بالنادي أو حضور فعالياته، وكان له أثر سلبي. وقالت: "حاولنا الاجتماع من خلال عملي بالجامعة بالأهالي لنحل مشكلة إحجام المرأة، فلم نستطع بسبب ثقافة المجتمع، حيث إن أولياء الأمور يرفضون حضور بناتهم للفعاليات الثقافية النسائية، فهناك من يعتقد أن المرأة لا تصلح للعمل في النادي". كما أرجعت عزوف المرأة أيضا إلى أن المبنى غير مستقل. وبينت اليزيدي أن اللجنة النسائية بالنادي ضعيفة ومهمشة. وقالت: "عملت بالنادي من خلالها لأشهر وقدمت استقالتي"، مؤكدة أنها لن ترشح نفسها لأنها لم تعلم إلاّ متأخرا أن المرأة يحق لها العضوية في مجلس الإدارة وحتى رئاسته، لكنها سجلت في الجمعية العمومية للنادي لتساهم في إنجاحها بالقدر المستطاع. وكيل العمادة لشؤون الطالبات بجامعة الجوف الدكتورة نجلاء المطيري قالت إن هناك عدة عوامل لعزوف المرأة، أولها أن ثقافة المجتمع في الجوف لم تتعود على مشاركة المرأة في الأنشطة العامة، كما أن المبنى غير مؤهل والقسم النسائي فيه قريب من القسم الرجالي، وأن الأهالي عذرهم أن الصوت مسموع للرجال، وهذا سبب أيضا للإحجام عن ارتياد النساء للنادي، إضافة إلى العادات والتقاليد التي تحكم المنطقة. وحول ترشحها، قالت المطيري: "سجلت اسمي في الجمعية العمومية لكنني لن أرشح نفسي"، واستطردت أنها لا ترى وجودا فعليا للجنة النسائية لأن الرجل يسيطر على مناحي النادي.