تحولت نقاشات الجلسة الثانية بمنتدى جدة التجاري المخصصة لبحث تأثيرات أسعار السلع على المعيشة، إلى اتهامات مباشرة ل"الإعلام" بوقوفه ضد التجار وتأجيج الرأي العام ضدهم. وشن رجل الأعمال عبدالله بن زقر، هجوماً لاذعاً على الصحافة السعودية محملا إياها مسؤولية تأليب الرأي العام ضد التجار في السوق المحلية، مقدماً سلة اتهامات على الصحف، خلط فيها بين المقال والخبر والتقرير. وبلغت ذروة السخونة في المؤتمر الصحفي الذي عقد على هامش المنتدى بعد انضمام رئيسة المنتدى نشوى طاهر ورجل الأعمال حسين أبو داود إلى صف بن زقر، فيما قابل الصحافيون اتهامات التجار باتهامات مماثلة تدور حول انعدام الشفافية في التعامل مع الإعلام من قبل التجار إلا مع نوع محدد يدور في فلك الصحافة الموجهة والعلاقات العامة. وأكد بن زقر المتحدث في جلسة "تأثير الأسعار على مستوى المعيشة في السعودية"، أن الإعلام أحد الأسباب الرئيسية في التحريض على التجار، مشيراً إلى أن التاجر محاصر من كل الجهات بما فيها الإعلام ودوائر حكومية، ومع ذلك "يسير بجانب الحائط وليس له حيلة لأنه بات الحلقة الأضعف"، وهو الأمر الذي رفضه المتداخلون خلال الجلسة. واستهجن بن زقر المبالغة في الحديث عن أرباح التجار، وقال: كثيرون لا يعرفون أن أرباح كثير من السلع لا تتجاوز 1 % فقط، في حين نسمع كلامهم عن الجشع والتربح وأشياء كثيرة، متبعا ذلك بالقول "يا جماعة خافوا الله.. التجار يربحون هللات". وأشار إلى أن إحدى الصحف أعلنت أن أرباحها السنوية بلغت 120 مليون ريال، تمثل نسبة 20 % من مبيعاتها، فيما رد عليه متداخل في الجلسة أنهم هم التجار، أعضاء مجالس إدارة المؤسسات الصحفية. وفي حين أحال بن زقر الحضور إلى القوائم المالية لشركات المساهمة العاملة في قطاع التجزئة، مبينا أن أرباحها في نطاقات محدودة لا تتفق مع ما يطرح في الصحافة، تجاهل سؤال لأحد الحاضرين لماذا يتم رفع الأسعار في التزامن مع الأوامر الملكية، وهل الصدفة وحدها من فعلتها، رغم تقرير رسمي بتراجع الأسعار العالمية. وقال بن زقر "الصحافة تنعتنا ب"الحرامية" دون أن يحققوا العدالة بعرض وجهتي النظر، والمخجل أن بعض ممن يكتبون وينتقدون أساتذة في الاقتصاد، ولا ندري هل درسوا في زيمبابوي أم موزنبيق أو ليبيا وكوبا". وفي المؤتمر الصحفي، اعترفت طاهر في رد على سؤال "الوطن" بغياب الشافية عن السوق، إلا أنها زادت أن الشفافية منعدمة في أطراف السوق بما فيها الجهات الحكومية، مرددة الطرح القائل "على الصحافية التركيز على الإيجابيات والاحتفال بها، وترك التركيز على السلبيات". وقال حسين أبو داود رداً على مداخلة ال "الوطن"، عن تعطيل القرار الحكومي الداعي إلى إعادة النظر في نظام الوكالات التجارية منذ نحو 4 سنوات، وهل اقتصاد الوكالات التجارية حر فعلاً؟ إن "منظم السوق مراقب لتوزيع عمل الوكالات التي تعطى من الشركة الأم لأكثر من تاجر"، مشيراً إلى أن إعادة النظر في النظام قد تكون استهدفت دخول تجار مع تجار. في المقابل أكد الدكتور محمد خياط خلال الجلسة الأولى، أن هناك مؤشرات كثيرة تتحكم في غلاء الأسعار أهمها عملية التضخم، مؤكدا أن المؤشرات تقول إن بعض السلع والخدمات زادت بنسبة 39 %، وأن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت ارتفاع الأسعار في بعض السلع ببعض القطاعات، وهو الأمر الذي دفع المستهلك إلى حالة من عدم الرضا والشعور بحدوث غلاء في المعيشة". وما بين التجار والإعلام، ركزت ورقة وكيل وزارة التجارة المساعد لشؤون المستهلك صالح الخليل، قدمها مدير فرع جدة عطية الزهراني، بعد أن اعتذر الأول عن الحضور لسبب قال المنظمون إنه "في اجتماع يخص ضبط سوق الأسمنت المنفلت" إن السوق المحلي يتميز بوفرة الخيارات المتعددة للأصناف من السلعة الواحدة ولذا يتطلب من المستهلك أن يبادر إلى الاختيار للحصول على الجودة والسعر المناسب. وأشارت الورقة، إلى أن الأسعار تخضع لمنافسة حرة، حيث مبدأ الاقتصاد الحر بمفهومه الواسع، الذي يتيح منافسة شريفة وعادلة واحتراما للأحكام والتعليمات التي تنظمها الدولة، كما يضمن المبدأ حرية ممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، أو فرض أية قيود إلا في حدود ما تقتضيه المصلحة العامة لتحقيق التوازن الاقتصادي في المجتمع.