ثقافة الإنترنت بدأت تأخذ مداها في مخيلة الناس وأصبح البعض يتكلم حسبما قرأه وشاهده عبر الإنترنت وبالذات في المنتديات، وللحقيقة أن هذه المنتديات لا تمثل شيئاً بالنسبة للعلوم والمعرفة والتي تعتبر رافدا أساسيا لما قد يجده الإنسان من ثقافة وتأصيل معرفي تستحق منه أن يكون بموقع المرشد والمنظر - أما أن يتصدر الحديث بمنابره المختلفة إنسان وجد في مادة الإنترنت ما يضعه في مكانته مرموقة - فهنا عقم التصور وشطح المفهوم لأن معلومة الإنترنت يكتبها أناس ملثمون لا تكاد تجد أي أثر لأسمائهم الحقيقية وهذا بحد ذاته ينزع الثقة ويصادر الطمأنينة من القارئ على اعتبارا أن أبسط مفهوم للثقافة وأهمها هو الإفصاح عن هوية الكاتب على اعتبار أنه يتحمل المسؤولية ويتحمل أيضاً نتيجة ما كتب بسلبياتها وإيجابياتها. نحن نعرف أن التواري خلف أسماء مستعارة هو نتيجة طبيعية لهشاشة التوجه وعدم وضوح المعلومة وأقلها عدم الثقة بالنفس - إذًا ماذا ننتظر من هذا الكاتب وأي دور مقبول يمكن عند الآخرين - الشفافية مطلوبة بكافة معطيات الطرح وهي كذلك إذا أفصح الكاتب عن هويته فإنه في هذه الحال سيكون بموقع الجدارة لدى عقلاء الناس الذين يعرفون قيمة الكلمة ومستوى الاحترام الذي يمثله كاتبها . وهذه حقيقة لا تقبل اللبس أو حتى الظن - فالمجالس تعج بمثقفي الإنترنت وهوامير المنتديات الذين قدموا أنفسهم قدوات للمجتمع واعتبروا ذلك حقاً من حقوقهم فانطلت هذه المفاهيم على دهماء الناس لعدم قدرتهم وتمكنهم من فرز الصالح من الكلام والمقبول من المعرفة. أرجو وأتمنى أولاً من بعض مشاركي الإنترنت الذين يعتبرون أن الإنترنت قناتهم الوحيدة في المعرفة أن يدركوا حقيقة أن ما هم عليه من ثقافة وعلم ما هو إلا علم ينقصه المتن النقي والموثوقية - على اعتبار أن مثقفي الإنترنت من مدعي العلم والمعرفة أصبحوا ينثرون سمومهم في قلوب وعقول المجتمع وهذا ما يخشاه نجباء هذه الأمة ومؤسسو علومها.