قاد ذبح ثور أمام الملعب الذي سيشهد افتتاح وختام كأس العالم لكرة القدم بجنوب إفريقيا، إلى فتح الباب على مصراعيه للحديث عن السحر، خصوصاً أن المونديال يقام للمرة الأولي في قارة إفريقيا التي اشتهرت بالسحر. وكانت جماعة تطلق على نفسها "منظمة ا لمعالجين التقليديين" ذبحت ثورا أمام ملعب سوكر سيتي فى العاصمة الجنوب إفريقية جوهانسبيرج، مفسرة فعلها بمباركة البطولة العالمية وتعريف الأسلاف بأن العالم يتوافد على جنوب إفريقيا، إلا أن الواقعة لم تمر مرور الكرام، وجعلت العديد من وسائل الإعلام العالمية وهي تفتح ملف السحر الإفريقي، تطرح عدة علامات استفهام.. "هل بدأ السحر قبل أن يبدأ المونديال.. وما علاقة السحر بكرة القدم.. وماذا عن السحر فى جنوب إفريقيا والقارة السمراء.. وهل الظاهرة إفريقية فحسب؟!". وحسب التقارير، فإن نحو 300 ممن يصنفون بأنهم من السحرة الكبار في جنوب إفريقيا استدعوا أرواح الأسلاف ولتمسوا منهم أن تنعم جنوب إفريقيا بمونديال جيد. وفى جنوب إفريقيا يتفق غالبية النقاد الرياضيين على أن مسألة ممارسة السحر في الملاعب متصلة بسياق يتضمن الرموز والمعتقدات والطقوس الروحية فيما تبدو الظاهرة من وجهة النظر الغربية متصلة بمشاهد عجائبية فى إفريقيا. في كرة القدم بات المسؤولون في القارة السمراء أقل تسامحاً حيال مسألة ممارسة السحر في الملاعب وعمد الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف" لاتخاذ إجراءات مشددة لمنع السحرة من السفر مع الفرق المشاركة في البطولات الإفريقية. وقال مسؤولون فى "الكاف" إن "الأيام التى كان يوجد فيها ما يسمى بالأطباء السحرة داخل غرف مغلقة أثناء بطولات كأس الأمم الإفريقية قد ولت إلى غير رجعة". غير أن المعنيين بقضايا الثقافات الإفريقية بالاتحاد الدولي "فيفا" يؤكدون أن الأمر ليس بهذه السهولة ولا يمكن القضاء على ظاهرة متجذرة فى الثقافة بجرة قلم. وإبان نظام الفصل العنصري فى جنوب إفريقيا، أدت الالتباسات وعدم القدرة على التمييز بين السحرة الأشرار والسحرة الأطباء إلى صدور مرسوم فى عام 1957 يحظر ممارسات هاتين الفئتين معا دون أن يلتفت لمدى عمق المسألة وارتباطها بالثقافات المحلية أو يفرق بين ما يعرف بالطب الروحي والعلاج الشعبي وبين السحر الأسود والأذى ومن ثم لم يكن هذا المرسوم الحكومي قادراً على تغيير الواقع. يقول رئيس مجلس الرياضة والثقافة فى سوازيلاند ماسو زي سيميلان إن الاكتفاء بحظر رسمي على ممارسات السحرة لن يكفى أبدا وسيكون نوعاً من خداع النفس وإن "التيايانجا" وهو المسمى الإفريقي للمعالجين التقليديين، منظمة ذات أبعاد رياضية وثقافية معا. ويوضح هذا المسؤول الإفريقي رؤيته بقوله "إن اللاعبين على المستطيل الأخضر يشعرون بأنهم أفضل حالاً عندما يحظون بمباركة وحماية أرواح الأسلاف" بينما يذهب أموس بفومو وهو معالج تقليدي فى مابوتو عاصمة موزمبيق، إلى أن هناك العديد من الطرق التى يمكن بها للمعالج التقليدي تقديم المساعدة المشروعة للاعبي كرة القدم. وتابع" الأعشاب على سبيل المثال تجعل أداء اللاعب أفضل، أما أرواح الأسلاف فتمنحه القوة والمؤازرة" . وفى الطقوس السحرية المعروفة "بالكيوسينيسيا"، يقوم بفومو بتقديم العلاج للاعبي كرة القدم في صورة مزيج يجمع ما بين الوصفات الطبية الشعبية والجلسات الروحانية، ويقول إن " أرواح الأسلاف ترشد اللاعب وتجعله يبذل قصارى جهده فى الملعب، وإن الأسلاف يغمرها السرور عندما يطلب منها شيء على النحو الصحيح وبالأسلوب اللائق وتقوم بإرشاد وإلهام اللاعبين أثناء المباريات". أما المدير الفني لفريق نادي بلاك مامباس الواقع بمدينة دوربان بجنوب إفريقيا، بونجاني مونجوميزيلو، فقال" إن العديد من مدربي كرة القدم لديهم مشاعر مختلفة بشأن أرواح الأسلاف ونحن نستعين هنا بالمعالجين التقليديين والروحانيين لمنح المزيد من القوة النفسية والعزيمة للاعبينا". ومع انتشار ظاهرة اللجوء للعنف ضد الأشخاص الذين يعتقد أنهم ينتمون لما يسمى بالسحرة الأشرار في جنوب إفريقيا، تقرر فى عام 1996 تأسيس لجنة رسمية للتحقيق وكشفت هذه اللجنة التابعة لوزارة الداخلية عن أن آلاف الأشخاص اتهموا بممارسة السحر في الإقليم الشمالي وجرت مطاردتهم بل ونهب ممتلكاتهم من جانب السكان الغاضبين من شرور السحر والسحرة. ومضى التقرير الرسمي ليؤكد على أن أكثر من 300 شخص قتلوا من جانب جماهير غاضبة من تزايد الممارسات الشريرة للسحرة بين عامي 1985 و1995، فيما اتهم بعض السكان فى أقوالهم أمام لجنة التحقيقات التابعة لوزارة الأمن رهطا من هؤلاء السحرة بتغيير صورهم وهيئاتهم والتحول من بشر إلى وطاويط وخفافيش وطيور، وأن بعض ضحايا السحرة تحولوا إلى مسخ بشرى وأشياء أقرب "للخشب المسندة". وفى عالم الساحرة المستديرة بجنوب إفريقيا وعدد من الدول الإفريقية، تذبح بعض الفرق، الماعز على الخطوط الخارجية للملعب كقربان للأسلاف قبل المباريات، فيما يعمد البعض لرش المنطقة التى سيدخل منها الفريق المنافس بالدماء ومرارة الماعز مع إلقاء بعض التعاويذ والطلاسم السحرية على لاعبي الفريق المنافس.