وصف الكاتب مشعل السديري نفسه بأنه جبان، ويتردد كثيراً، ولم يتعود على المحاضرات، وأنه ليس رجلاً أكاديمياً واجتماعياً، وليس لديه الحصيلة المشرفة من المعلومات لكي يطرحها، وأنه عاشق للحرية التي لا يمكن أن تسكن لوناً رمادياً، وأنه يعشق الألوان كاتباً وفناناً تشكيلياً. وذهب السديري في محاضرته أول من أمس بنادي الرياض الأدبي عن فن الكتابة الساخرة، إلى أن الكتابة الساخرة فن عصي على الكاتب واللفظ والمعنى، مستعرضاً ما يتطلبه هذا الفن من كاتبه من مقومات وأدوات للتعامل من خلالها وبها مع هذا الفن. مؤكدا أن على الكاتب ألا يبتعد عن القراء، ولا يتعالى عليهم، ولا يتحول إلى مدرس لهم، مشيراً إلى أنه كثيراً ما يجد القارئ اليوم من كتَّاب أشبه بالكتابات التي تقرأ في خطابات الدوائر الحكومية، والآخر منها أشبه بالبحث وراء "فذلكة" الألفاظ المتكلفة الخالية من المعاني المؤثرة، مستشهداً بالعديد من الأمثلة الساخرة بين الأسلوب الساخر والمعنى العميق في التراث العربي. وأشار السديري إلى أن الفكاهة وتطور النكتة جاء وليد تفاعل المجتمع مع ما لديه من قضايا عبر وسائل الاتصال الحديثة وعلى رأسها الهاتف المحمول، معتبراً الكوميديا السوداء الضحكة التي تبتسم في وجه المأساة، وتعالج بطريقة هجومية، ما يجعلها تتطلب قدرة كبيرة من الكاتب الساخر، لكي يتعامل معها بما يمكن أن يسمى فنا ساخرا، ما يجعل الكاتب الساخر أمام حضور مختلف مع ماهية الفكاهة في حياة المجتمع الذي يعيش فيه عبر خصوصيته الثقافية من جانب، وما يمثله التراث الفكاهي في حياة المجتمعات من جانب آخر، مما يجعل لكل كاتب ساخر مقومات وأدوات خاصة به، وما يحيط به من البيئة الاجتماعية. وأوضح السديري أن هناك ما يشبه المدارس الساخرة التي تتمثل فيما أبدعه كتاب هذا الفن عربياً، مؤكداً أن السخرية سلاح ذو حدين، وأنه واقعي مع نفسه، وفيما يكتب، وبأن ما يغلب على كتاباته يأتي ببراءة، وقليل منها لا يخلو من خبث هادف، وإذا أرادنا أن نغير المفاهيم الخاطئة لدى الناس، فعلينا أن نصدمهم على الدوام صدمات صغيرة متتالية مغلفة بالابتسام والحكايات. وفي حديث لا يخلو من السخرية أيضاً أكد السديري أنه لم يخطر في باله أن يصدر كتاباً، "فأكثر كتاباتي تذهب مع الريح وليس هناك شيء منها يستحق الخلود، لاعتقادي أنني لا أجد ما يهم القارئ، فيما لو فكرت بالكتابة إليه كمؤلف، ما جعلني أصرف النظر عن مسألة التأليف". وبين السديري أن الأشياء التي يكتبها في مقالاته الساخرة إما أن يكون عايشها أو سمع بها من الناس، أو قرأ عنها، أو تخيلها، "بمعنى أصح "فبركتها" ومستحيل أن تكون واقعية 100%، لابد من الإضافات حتى تكون مؤثرة، وأكثرها مفارقات والمفارقة هي التي تولد الابتسامة الضاحكة الموثرة.