قال عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود، المذيع في إذاعة القرآن الكريم وقناة المجد الفضائية، الدكتور فهد بن عبدالعزيز السنيدي: إن الإعلام الإرهابي يقوم بعلاقة تواصلية لإخضاع وتنميط المجتمع، وفرض ما يريده من مواضيع للنقاش، ويختار لها الزمان المناسب والقضاء المناسب، مع تجهيز الآلات اللازمة للعنف الرمزي ومنها برامج إعلامية مشحونة (كتّاب شبه مثقفين - علماء دعاة مداهنون)، غير أن أستاذ المذاهب المعاصرة بجامعة الملك سعود لم يغفل الجانب الإيجابي للإعلام بقوله: "لا يمكن أبداً أن نغفل أن للإعلام دوراً إيجابياً لدى بعض القنوات، فقد كسر الإعلام كثيراً من حواجز الخوف في قلوب أمم مترددة في التعبير عن آرائها وتحطيم أغلال من الوهم المصنوع بسبب تسلط كثير من الأنظمة، ورفع مستوى الوعي العام للأحداث السياسية، ففي عام 2000 وهو عام الانتفاضة الأولى اعترف الكيان الإسرائيلي أن أشد أمر عليه هو الدور البارز للإعلام. وتساءل السنيدي في محاضرة ألقاها في الملتقى الثاني لديوانية الإعلاميين بعسير تحت عنوان "أثر الإعلام في الصراع على الهوية"، عن حال إعلامنا؟ وماذا قدم لهويتنا؟ وماذا صنع لمجتمعاتنا؟ وهل دافع عن حقوقنا؟ وهل أسمع صوتنا لغيرنا؟ وهل عرض ثقافتنا وهويتنا مقارنة بما يفعله الدور اليهودي في الإعلام؟، مؤكداً أن أي فكر منشغل بوسائل الإعلام يستعيد الأسئلة الفلسفية الكبرى حول الحقيقة والمعنى والذات والمعرفة لأن العملية التواصلية هي أساس العملية الإنسانية، وأن القيم التي يتبناها الفرد والمجتمع هي المكون الأساسي للأيديولوجيا المحركة لأفكار وأقوال الفرد والمجتمع، كما أنها المكون الأساسي لشخصية الأمة. وأكد السنيدي أن هناك أكثر من 13 ألف قناة في العالم منها 513 قناة عربية و7500 قناة مشفرة و5500 قناة مجانية، مضيفاً أن أكثر من 150 مليون مشاهد يتابعون القنوات الإباحية، مشيراً إلى وجود أكثر من 112 قناة إباحية موجهة باللغة العربية. وقال السنيدي: إن هناك أربع وكالات أنباء عالمية تحتكر 80% من أخبار العالم، اثنتان منها أميركية، وواحدة فرنسية وأخرى بريطانية، مضيفاً أن الولاياتالمتحدة تملك 50% من صحف العالم و45% من محطات الإذاعة العالمية و26% من محطات التلفزة العالمية، أما شبكة الإنترنت فهي أميركية الأصل والمنشأ وتنشر عولمة الثقافة. وتطرق عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود إلى الإعلام والطفل، حيث قال: إن مدير الإعلام بالمجلس العربي للطفولة والتنمية قام بدراسة نشرت أخيرا رصدت من خلالها إحدى القنوات الفضائية العربية الموجهة للطفل لمدة أسبوع فكشفت عن 300 جريمة قتل في برامجها مع دعاية مكثفة تدعو الأسرة لشراء الأشرطة، و30% تتضمن أعمال عنف و15% مواضيع جنسية، و20% مواقف حول الحب بمعناه الشهواني، و370 لفظا يتكرر بين السب والشتم، و49% تهديد بالانتقام، 23% تحريض، و14% استهزاء وسخرية، و12% قذف، إضافة إلى تغيير بعض المفاهيم لدى الأطفال، وتقديم قدوات جديدة، مع تغذيتهم بألفاظ سيئة، وطموحات هزيلة، مشيرا إلى أن 33% من الفتيات حسب إحدى الدراسات وافقن على الاختلاط والتجارب العاطفية بسبب ما يشاهدنه في التلفاز من أفلام ومسلسلات. وأضاف أن الشاب العربي إذا تخرج من الثانوية يكون قد أمضى أمام الشاشة ما يعادل 22 ألف ساعة، وفي المقابل يكون قد أمضى في مقاعد الدراسة ما يقارب 14 ألف ساعة، أما في الجامعة فيكون أمضى أمام الشاشة أكثر من ألف ساعة، بينما في الدراسة 600 ساعة، وتابع: "لو أن بلدا عدد سكانه عشرة ملايين وعدد الذين يشاهدون التلفزيون 25% منهم فقط، ومعدل الجلوس ساعتان يومياً، فإن الهدر السنوي من الوقت يكون 1.750 مليار ساعة، أي ما يعادل 250 مليون يوم عمل. وأردف: "عند النظر إلى الواقع العربي فإن أول قناة فضائية عربية هي "المصرية" عام 1990، ثم MBC عام 1991، بمعنى أننا أكملنا 20 عاماً، ولنا أن نسأل عن رصد واقع إعلامنا العربي من خلال تأثيره ومقارنته بتأثير الإعلام اليهودي، فنحن إلى الآن لم نستطع إقناع العالم بعدالة قضيتنا في فلسطين، كما يمكن رصد واقعنا من خلال تقنية البلوتوث واليوتيوب، فجل ما في اليوتيوب من العرب ليس إلا مقاطع بسيطة في تفكيرها أو فضائح أو مقاطع عنصرية وقحة ومناطقية ومذهبية، بينما نحن أقل الشعوب في الاستفادة التعليمية من هذه التقنية. وقال إن الإنفاق العالمي على الإعلان يصل إلى أكثر من 700 مليار دولار سنوياً، أي ضعف الدخل العالمي من النفط، وهو مرشح للزيادة، مما يدل على أن فسيولوجية الإعلان تقوم على بيع الأحلام، ودغدغة المشاعر، وإثارة الرغبات، وتعزيز التأثير الإعلاني بالإغراء، وأضاف أن دراسات أميركية أوضحت أن التلفزيون يجمع العائلة فيزيائيا ويفرقها عاطفياً، لذلك قد لا نستغرب أن نشاهد فتاة في العشرين من عمرها لا تأكل مع أهلها، وتذهب الخادمة بالطعام إلى غرفتها، وقد يمر يومان أو ثلاثة دون أن تجلس مع والديها، مشيراً إلى أن دراسات غربية أثبتت أن التلفزيون هو الوالد البديل للأبناء. وحول الإعلام وثقافة القراءة، قال إن دراسات أكدت أن زمن القراءة للطفل العربي لا يتجاوز ست دقائق في العام الواحد حسب تقرير الإيسيسكو، وتؤكد الدراسات ضعف القراءة بسبب الإعلام، مبيناً أن خطورة الإعلام المرئي على الطفل تكمن في وقت بقائه الكبير أمامه وسرعة تأثره وأنه لا يملك رقابة ذاتية، وأوضح أن الطفل العربي كان في السابق يمضي من أربع إلى خمس ساعات يومياً أمام التلفاز، وأكثر ما يستهويه الرسوم المتحركة، أما الآن مع القنوات الفضائية فيصل إلى تسع ساعات يومياً وتكمن الخطورة أيضاً في المخاطر السلبية على الطفل بسبب الإعلام المتدفق من الغرب. وأردف: أثبتت الدراسات الغربية المتنوعة أن انتشار التدخين والمخدرات والجريمة الأخلاقية يصل إلى نسب كبيرة بسبب متابعة الأفلام، ففي بحث أجراه مجموعة من الباحثين في حي (فينكس أرازونا) وهو من الأحياء المشهورة بالدعارة، وجدوا أن جرائم الممتلكات تصل إلى نسبة 40%، وأن جرائم الاغتصاب تزداد بنسب كبيرة.