كانت مواقع القيادة والرئاسة في مختلف مجالات الحياة محفوظة للرجل وحكرا عليه حتى عهد قريب، وكانت سلطة المرأة لا تتعدى حدود بيتها، ثم حدث ما جعل المرأة تخرج إلى معظم ميادين العمل، وتثبت جدارتها في ممارسة أهم الوظائف وأدقها، لكنها كانت تحت إدارة الرجل ، ثم ما لبث أن تقدمت المرأة في هذا المجال لتحتل مواقع ومناصب تقود من خلالها رجالا لم يحدث أن عملوا من قبل تحت إدارة امرأة. وتباينت آراء الرجال، حول إدارة المرأة للرجل، وهل ستكون المرأة المديرة ناجحة وديموقراطية أم متسلطة، وهل تنجح في قيادة الرجال الذين عرف عنهم التمرد؟. يقول بدر ناصر (معلم) إنه لا يمكن أن يعمل تحت رئاسة امرأة مهما كانت الظروف، فذلك يجعله لا يحسن التصرف في التعامل معها، على خلاف ما لو كان رئيسه رجلا، مما يؤدي إلى حدوث تدن في أدائي الوظيفي، وهذا سيؤثر عليه بشكل سلبي. مؤشر على النجاح على خلاف ذلك يرى مشبب زاهر (عسكري) أن ترأس المرأة وامتلاكها للمناصب الإدارية مؤشر على نجاحها وطموحها بأن تكون هي الأفضل، مشيرا إلى أن إدارة المرأة للرجال يكون من خلال التعامل مع الوظيفة لا مع الشخص. وذكر زهير محمد (معيد بكلية الهندسة) أنه بحكم عمله فلا مجال لإدارة المرأة، لكنه يرى أنه لا مانع من ترأس سيدة لعدد من الموظفين الرجال، وأن الظروف والمكان هما من يحكمان ذلك. وأضاف "لو كنت تحت رئاسة امرأة أعتقد أنها ستواجهني عقبات، ولن أستطيع الوصول إلى حل جذري لتجنب الاختلاف الفكري والعقلي بيننا". غيرة المرأة وقالت نوال عبدالله (خريجة جامعية) "رغم كثرة النجاحات التي حققتها المرأة العاملة وتوليها العديد من المناصب الإدارية، إلا أن الإدارة النسائية يشوبها الكثير من الملاحظات "، مشيرة إلى أن إدارة المرأة للرجل لا يكون فيها الانضباط التام، وكثرة التسيب على عكس إدارة الرجل الذي يحسن التصرف بكل عقلانية ولا توجد هناك فروقات تجعله يفرق بين الرجال والسيدات فطابع الغيرة للمرأة يؤثر لا شعوريا على أدائها في رئاستها. وترى أشواق الشريف (ربة منزل) أن المرأة نفسها تفضل العمل تحت إدارة الرجل، ولا تعمل تحت إدارة سيدة مثلها، وقالت "أنا شخصيا لا أقبل أن أعمل تحت رئاسة امرأة، وأفضّل تولي الرجل للرئاسة لمثل هذه المناصب". 700 ممرض وممرضة وتروي رئيسة التمريض بمستشفى عبدالعزيز التخصصي سعاد الطلحي ، والتي تدير عددا من الممرضين والممرضات تجربتها في إدارة الرجال، حيث قالت "تم تعييني من قبل إدارة المستشفى قبل عام، فكنت مشرفة لتمريض الطوارئ ، ومستشفى عبدالعزيز التخصصي المستشفى التخصصي الوحيد بالطائف، ويوجد لدينا ما يقارب 700 ممرض وممرضة موزعين على جميع الأقسام، مركز الكلى، والعناية المركزة للأطفال، والطوارئ، والعاملون من مختلف الجنسيات السعودية والفلبينية والهندية والصينية، والعربية ومنها المصرية والتونسية والسورية" وأضافت "يعتمد عملنا على توزيع القوى العاملة بناءً على معايير التمريض التي تجب علينا مراعاتها، وعمل جداول لرئيسات الأقسام الأخرى، وتنسيق جداول الفرق الميدانية كأقسام الطوارئ للخروج عند حدوث الكوارث والطوارئ ، ففي الحالات التي تستدعي الخروج، لا بد من وجود فريق تمريض في كل سيارة إسعاف، وكذلك الإشراف على التمريض ومراقبة مدى جودة العمل، وتجهيز المعدات، وتوفر الأدوات والأجهزة وغيرها، ونقوم نحن بدورنا بتبليغ التموين بإدارة المستشفى للقيام بتأمينها، والإشراف على الدور الرقابي من ناحية الالتزام بالزي والالتزام بأوقات الدوام، والالتزام بالأخلاق التمريضية المتعارف عليها دوليا، والمرور على المرضى وسؤالهم عن احتياجاتهم". وأكدت الطلحي أنها لا تواجه صعوبة في إدارة الموظفين الرجال، تقول "أعمل في قسم الطوارئ (رجال – سيدات) ، وهذا القسم علمني مواجهة الجمهور، وهناك أشياء كثيرة ساعدتني، فطريقة تربيتي في المنزل أعطتني الثقة، مما عزز من شأني، ووقوف أناس بجانبي، ودعمهم لي معنويا كان لي بمثابة الطريق إلى النجاح". وذكرت أنها لا تفرق في تعاملها بين الرجل والسيدة، فعندما يكون الرجل تحت إدارة سيدة يكون له احترامه، مشيرة إلى أنها لم تواجه صعوبات، ولكنها صعوبات عادية جدا مثل الصعوبات التي تواجه أي شخص بالتعامل في الحياة الطبيعية. وبينت الطلحي أن بعض المستشفيات لا تقبل كون إدارة نسائية تعمل لإدارة عدد من الموظفين الرجال، لذلك في بعض الأحيان تواجه ببعض نظرات الاستغراب والتشكيك في مقدرتها على تحمل لهذه المسؤولية. وقالت "عندما يكون الشخص مدعوما من منزله وبيئته التي يعيش فيها، فلن تصبح نظرات المجتمع حجر عثرة بطريقه، ومن خلال خبرتي لم أواجهه ذلك بصعوبات من هذا النوع". معايير إلزامية وأضافت "قديما لم نكن نسمع أنا هناك إدارة تسلطية، فعلى ماذا هذا التسلط ؛ فأنا لدي معايير معينة سواء كنت الرئيس أو المرؤوس، فالممرض أو الممرضة مطلوبة منه أشياء معينة كالالتزام بالزي الرسمي وأخلاقيات التمريض، وغيرها فهذه معايير أنا أعرفها والجميع يعرفونها ، وهي معايير إلزامية وافتراضية، فنحن نمشي على خطوط واضحة، فعند تعيين ممرض جديد أقوم بالتوضيح له أن لديه ساعات عمل كذا وكذا، ومدة العمل، وكيفية عمل الإجازات، فهذا من ضمن البرنامج التدريبي، ليكون على علم بكل الأشياء الأساسية المطلوبة في المستشفى منه، وحقوقه وواجباته"، والنظام وضع للرجل والمرأة كلاهما بنفس الضوابط ، فالاستئذان يكون بضوابط معينة والغياب يخصم، مشيرة إلى أنه لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ ، ولكن بقدر ما تستطيع تؤدي عملها بكل صدق وإخلاص.