عندما دقت الساعة الواحدة والربع ظهر أمس، كانت دقاتها تعني للسجينة التسعينية شعفة أشياء أخرى، غير عبور الدقائق، وصفة مختلفة لمرور الوقت. لقد كانت تعلن بداية موعد الخروج من خلف بوابات السجن وسط احتفائية كبيرة من أسرتها. وقد رافقت "الوطن" شعفة لآخر لحظة في سجن أبها، وكانت شاهد عيان عليها لحظة اختلطت في عينيها دموع الفرح مع عبرات الحزن ولسانها يبتهل لباقي السجينات بمغادرة بوابات السجن. القسم النسائي في سجن أبها العام، الذي استشعر فرحة "شعفة" وبقية النزيلات بخروجها من خلف قضبان السجن، والعفو عنها من قبل أهل الدم، أقام بهذه المناسبة احتفالية لتوديع السجينة، بحسب ما ذكرت ل "الوطن" مديرة القسم النسائي بسجن أبها نايلة عسيري التي أشارت إلى فرحة السجينات بالعفو عن شعفة، حيث علقت الزينات ورددت السجينات الأناشيد الوطنية، كما تم تعليق صورة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين في قاعة الاحتفال، كما كانت كل واحدة من السجينات تتمنى أن يأتي هذا اليوم الذي تغادر فيه جدران السجن. وقامت النزيلات بتهنئة السجينة شعفة على خروجها، وكانت لحظات متوجة بالفرح والدعوات لجميع السجينات بالإفراج والعفو. وأشارت نايلة عسيري إلى أن القسم النسائي بسجن أبها العام يتفاعل مع الأحداث ومع كل ما يدخل السرور والسعادة إلى نفوس السجينات ويعتبر خروج سجينة من أهم الأحداث التي يتفاعل معها القسم بكافة الموظفات العاملات فيه. وأشارت إلى أن القسم وقبل أن يتم الإفراج عن أي سجينة، فإنه يقوم بالعمل على تأهيل السجينة للحياة في المجتمع الجديد ومتابعتها صحيا ونفسيا واجتماعيا للخروج بعد العزلة بنفسية مناسبة ومميزة للحياة، وهذا ما تحرص عليه الإخصائية الاجتماعية وجميع منسوبات السجن الذي هو بمثابة بيت للسجينة يتفاعل مع كل ما يخصها لحين خروجها إلى الحياة من جديد وانضمامها إلى أسرتها، كما تتم متابعة أحوالها بعد خروجها من السجن وذلك من باب وفائنا للسجينات اللاتي قضين معنا سنوات طويلة. من جهتها، قالت السجينة المفرج عنها شعفة في تصريح إلى "الوطن"، "إن أول شيء أفكر في عمله هو زيارة والدي ووالدتي المسنين، وكذلك أولادي وهم عشرة أولاد، خمس بنات وخمسة أولاد، وأيضا أحفادي الذين يصل عددهم إلى 23 حفيدا وحفيدة. أريد أن أستمتع بأجواء الأسرة التي حرمت منها، وأن أستعيد دفء الأهل والأقارب واستشعارهم من حولي، وهو الإحساس الذي لطالما حسبت لحظاتي لحظة بلحظة لكي أعيشه من جديد. واليوم بعد أن غادرتُ بوابات سجن أبها أريد أن أعود إلى أحضان أبنائي وأسرتي وأعيش معهم ما تبقى من أيام حياتي، وهذا لا يعني أنني سأنسى ما قدمته لي مديرة سجن أبها نايلة عسيري، وكذلك لن أنسى وقفة الموظفات في القسم النسائي بالسجن، كما أني لا يمكن أن أنسى دعواتي لباقي السجينات بأن يحصلن على الإفراج، فليس هناك شيء بعيد على الله". وقالت شعفة إنها لن تنسى فضل كل من ساهم في العفو عنها، وكل من سعى في هذا الأمر، من أمراء وشيوخ وأعيان القبائل، "كما أنني أدعو لمن عفا عني بأن يجزيه الله خيرا وأن يجعل ذلك في موازين حسناته".