مخلفات السيول قصة مأساة أخرى لم تنته فصولها بعد في البغدادية، من جراء الأمطار الغزيرة التي ضربت جدة الأربعاء قبل الماضي، ففي الباحة الرئيسية المقابلة لمسجد الجمجوم بالبغدادية الشرقية، وعلى امتداد شارع الفانوس، تكمن ما أسماه أحد أفراد الحي من الشباب ويدعى محمد الصبري "بأنها كارثة بيئية بامتياز"، الصبري الذي بدت عليه علامة المرض قال في حديث إلى "الوطن" إن أمانة جدة حولت تلك الباحة لمكب نفايات من الأحياء المجاورة للتخفيف من حدة مخلفات السيول. يستطيع المار أن يشتم الروائح الصادرة من ذلك المكب بصورة واضحة، الصبري أضاف أن أهل الحي تحدثوا مع عدد من المسؤولين في أمانة جدة، بأن ينقلوا ذلك المكب إلى منطقة غير مأهولة بالسكان، حتى لا يتعرض الناس للأمراض مع انتشار الحشرات والهوام الضارة إلا أن تلك الاستغاثات باءت بالفشل – على حد قول الصبري-، الذي يؤكد أن سكان الحي ما عادوا ينعمون بالأجواء الباردة حالياً في جدة، بسبب ذلك المكب المزعج. ولم يتسن ل "الوطن" الحصول على تعليق رسمي من قبل مدير وحدة عمليات النظافة بالأمانة المهندس محمد الغامدي، بالرغم من الاتصالات المتكررة به، كما أجرت اتصالاً آخر بوكيل أمانة جدة للخدمات المهندس علي القحطاني الذي وعدنا بالمحادثة عقب أداء صلاة المغرب، إلا أنه امتنع عن الرد بعد ذلك. ورصدت "الوطن" شاحنة من الحجم الوسط "يطلق عليها محلياً الدينا"، وسط أرضية المكب الذي كان عبارة عن مصنع للأخشاب بحسب أهل الحي، كانوا ينزلون مخلفاتهم الخاصة فيه، مما أغضب عددا كبيرا من أهل الحي وخوفهم من أن يتحول ذلك إلى عادة عند الناس ويكونون متضررين هم وأبناؤهم بالدرجة الرئيسية، ولا يتوقف خوف من تحدثوا إلى "الوطن" عند ذلك الحد وأكدوا خشيتهم أن يتحول حيهم لبؤر نفايات تستجلب عددا من مخالفي أنظمة الإقامة المستفيدين منها، ومن تحويل وسط الأحياء لبؤر نفايات، وشوهد عدد من الأفريقيات وهن يتجولن وسط ذلك المكب للبحث عن المقتنيات القديمة. علي صالح من سكان الحي، قال إنه نقل أفراد عائلته عند أقاربه لتأذيه وأطفاله من تلك الروائح الصادرة من ذلك المكب، ويمكن ملاحظة أن اتساع حجم المكب يتزايد يوما بعد يوم، مؤكدا على محور آخر أن المصلين بدؤوا يتوافدون على مساجد أخرى غير مسجد الحي، بفعل مكب النفايات للجهة المقابلة والمباشرة لقبلة الحي. وبنظرة "جغرافية سريعة"، نجد أن زيادة المكب المحاذي ب 20 مترا عن الشارع الرئيسي، وبأبعاد قطرية تصل ل 30 مترا عن جنبات مستشفى طبي خاص يحوي عددا غير قليل من المرضى المنومين، بحسب مصادر داخل المستشفى. وأثناء رصد "الوطن"، شوهد عدد من مركبات تابعة للأمانة، الخاصة بالمبيدات الحشرية وهي تحاول تهدئة أهالي الحي، عبر عمليات الرش المستمرة للمكب، وطالب الأهالي بالتخلص من هذا المكب، مطالبين بسرعة الإزالة الفورية ومحذرين من تحول الأحياء لبؤر نفايات.