أمام مشهد طائر يطعم صغاره الذين يمدون أعناقهم إليه قدر الإمكان، أو لحظة انقضاض صقر جارح لطخ منقاره بدماء فريسته.. يتفاقم الإحساس بالقيمة الجمالية واللحظة النادرة التي قد لا تتكرر أمام عدسة مصور مولع بتوثيق مثل تلك المشاهد، وعاشق لتصوير الحياة البرية لا يبالي في إهدار جزء كبير من وقته وراحته وصحته لالتقاط ما هو نادر وخصوصاً في عالم الطيور. وما إن يستوقف ذلك العاشق منظر يبحث عنه حتى تجده في وضع ترقب تام، متوقفاً عن الحركة الجسدية التي قد تفسد ما وجد، ومتحركاً بكل أحاسيسه وحواسه ليتابع ما يحدث في لحظة أحس فيها كمن وجد كنزاً ثميناً في الصحراء الشاسعة، وأراد أن تظفر عدسته الصغيرة باقتناء ذلك الكنز النفيس. تلك لحظات عاشتها المصورة الإماراتية سلمى السويدي المولعة بتصوير الطيور والفراشات وما أبدعته يد الخالق المصور في الحياة البرية والطبيعة الخلابة ، حتى إنها كُسِرَت رجلها وهي تلاحق إحدى الفراشات التي أسرتها بألوانها في بر دولة الإمارات العربية المتحدة أثناء إحدى رحلاتها التصويرية. سلمى تحدثت إلى "الوطن" أول من أمس، عن تلك اللحظات وقالت إن: الطيور من أحلى المخلوقات على وجه الأرض، وأشكالها وألوانها تستهويني من قبل أن أحترف التصوير، وبعض المشاهد تعطيني إحساسًا كمن وجد كنزًا في الصحراء؛ ولأن مجال تصوير الحياة البرية وبالأخص الطيور من المجالات الصعبة، فهو ما جعلني أهيم في هذا المجال؛ إذ يحمل تحدياً يجعل اللقطة المميزة غنيمة وانتصارًا يعشقه مصورو الحياة البرية، ففي إحدى رحلاتي البرية كسرت رجلي أثناء ملاحقتي فراشة لأصورها، بعد أن أسرتني بألوانها القزحية الجميلة. وعن رأيها في المصورات السعوديات أكدت السويدي أنه توجد مصورات سعوديات لهن صدى مميز في الساحة، إلا أن معظمهن انحصر توجههن في تصوير الأستديو فقط، مضيفةً أن الإبداع يتفاوت بين المصورات سواءً بين السعوديات أنفسهن أو بينهن وبين المصورات الإماراتيات، وقالت: لا أعتقد أن الفرق شاسع مع الإشارة إلى براعة الإماراتيات في تنوع الصورة، منوهةً بنضوج الذائقة الفنية لدى مصورات الخليج والوطن العربي. مضيفة بالقول إن طبيعة التصوير في السعودية تحدها العادات والتقاليد أكثر منها في الإمارات، فإبداع المصورة السعودية محصور في مجال تصوير الأستديو أكثر من ميادين الطبيعة الواسعة والمجالات الأخرى، بينما تطرقت المصورة الإماراتية لكافة مجالات التصوير مع محافظتها على عاداتها وتقاليدها، مشيرة إلى ما وجدته خلال مشاركتها قبل سنتين في المعمل الضوئي لجماعة التصوير في الأحساء. وحول ما وصفه مهتمون بالتصوير من أن حضور المرأة المصورة لا يشكل ثقلاً في المسابقات المحلية أو الدولية، علقت السويدي قائلةً إن "المرأة الإماراتية لها حضور مميز في المسابقات المحلية، وأصبحت تنافس الأسماء البارزة في مجال التصوير وتطمح للعالمية، لأن تجربتها مميزة وثرية بالإبداع بشكل عام، ولا توجد لها معاناة مع الحرية إلا على الصعيد الخاص، فمازالت بعض المصورات الإماراتيات تتحكم بهن العادات والتقاليد، وتحد من مقدرتهن على الإبداع".