هناك مقولات كثيرة أكدت أهمية التعليم، فقال نيلسون مانديلا «التعليم أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم»، أما الأديب الفرنسي فيكتور هوجو فقال «من يفتح مدرسة يغلق سجنا»، فالتعليم يساهم في تقدم المجتمعات وتطويرها، فلا يمكن إصلاح أي مجتمع وجعله أكثر تحضراً وتقدماً إلا من خلال التعليم، وتعتمد ثقافة أي مجتمع بالأساس على تعليم أفراده، فوجب علينا التركيز على روح العملية التعليمية وهو المعلم. الأمم التي تهتم بالدراسة وتربي الأولاد بالشكل الأمثل هي الأمم التي تصل إلى أعلى الدرجات بين بلاد العالم أجمع، وهناك أدلة كثيرة على ذلك في حياتنا، فمعظم البلاد ذات الدخل العالي مثل دول قارة أوروبا واليابان تحسن اقتصادها القومي بسبب اهتمامها بالعلم والمعرفة وقوة التدريس من مرحلة مبكرة من عمر أطفالها، وليس بسبب أموالها فقط، وإذا تم الاهتمام بهذا الجانب عند تنشئة أولادنا فسنحظى بجيل جدي وصاحب هدف وبالتالي يكون لهم مستقبل زاهر ممكن من خلاله أن يقودوا رفعة بلادهم. المعلم هو صاحب رسالة مقدسة وشريفة على مر العصور، فهو معلم الأجيال ومربيها، وهو والد يؤدب بالحُسنى ويهذب بالحكمة والقسوة حين تجب القسوة، لكنها قسوة من يريد الخير لابنه وتلميذه، والمتعلم ابن مطيع بار يرى في إجلاله لأستاذه مظهرا من مظاهر الأدب وحسن الخلق، وهو قدوةً ونموذجاً لطلابه يُحتذى به، حيث يقضي الطلاب جُزءاً كبيراً من يومهم مع المُعلّم، فيتأثرون بسلوكيّاته إلى حدّ كبير، سواء أكانت إيجابيةً أم سلبيّة، إذ لا يقتصر دوره على التدريس فقط، بل يشمل التربية الأخلاقيّة أيضاً، وتقديم المعونة والاهتمام للطلاب. ومهنة التعليم أساسية وركيزة هامة في تقدم الأمم وسيادتها، وتعزي بعض الأمم فشلها أو نجاحها في الحروب إلى المعلم وسياسة التعليم، كما أنها تعزي تقدمها في مجالات الحضارة والرقيّ إلى سياسة التعليم. ورسالة المعلم التعليمية هي رسالة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والرسل الكرام لم يورثوا مالا، وإنما ورثوا العلم النافع لاتباعهم، والمعلم المؤمن برسالته هو رسول خير لأمته، لأنه مؤتمن على عقيدة وعقول وقلوب وأخلاق أبناء الأمة، يعنى بالتربية والتعليم، يقوم السلوك، ويعدل المنهج لدى تلاميذه في أي مرحلة تعليمية، عيونهم معقودة بشخصه، إن أحسن أحسنوا، وأن أساء تعثرت مسيرتهم الأخلاقية والتربوية، إنه قدوة خير في القول والعمل، بعث ليتمم مكارم الأخلاق، يتأسى برسول الله الكريم الذي قال: (أدبني ربي فأحسن تأديبي). احترام المعلم هو أهم حقوقه التي يجب أن نعلم أبناءنا عليها، والاعتراف وتعظيم فضله وتوقيره وإعطاء المهابة له، فمن واجب المجتمع الذي جعل من المعلم حارسا على أبنائنا في مراحلهم العمرية المختلفة أن يحفظ للمعلم مكانته الاجتماعية، وكان أحد السلف الصالح لا يجرؤ على شرب الماء أمام معلمه ليس خوفا منه بل تعظيما له ومهابة، كما يجب إظهار الامتنان له و السرور أثناء تلقي العلم، فلا يجب أن يكون الهدف الوحيد من الذهاب إلى المدارس هو الدراسة فقط، بل لابد بجانبها من اكتساب الأخلاق الحميدة.