تشارك المملكة العربية السعودية دول العالم الاحتفاء باليوم العالمي للمعلم في يوم الخامس من أكتوبر من كل عام، وهو يوافق هذا العام يوم الجمعة19/11/1433ه، وفي هذا اليوم احتفل العالم بأسره بالمعلم تكريماً وتقديراً لما يقوم به من جهد في إعداد الأجيال الصالحة والنافعة، وما يقوم به في سبيل الرقي بالتربية والتعليم. وقد أولت حكومتنا الرشيدة وفقها الله المعلم عناية فائقة منذ أن تأسست المملكة العربية السعودية على يد -المغفور له بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وأبنائه من بعده إلى العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- إيماناً منها بالدور الكبير الذي يقوم به المعلم، وشرف العلم الذي يحمله، حيث أن شرف المعلم ومكانته إنما اكتسبها من شرف المهنة والرسالة التي يؤديها، ويكفيه فخراً أنه يؤدي رسالة الأنبياء والمرسلين، فقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم يوماً على أصحابه فوجدهم يقرؤون القرآن ويتعلمون فكان مما قال لهم « إنما بعثت معلماً «، وقد قال عليه السلام :» إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً»، ولا ريب أن مهمة النبي إنما هي تعليم أمته ودلالتهم على الخير يقول معاوية بن الحكم: «ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه» ومنذ القدم والنظرة للمعلم نظرة تقدير وتبجيل على أنه صاحب رسالة مقدسة وشريفة على مر العصور، فهو معلم الأجيال ومربيها، وهو عنوان كل مجد وحضارة، وأساس كل تقدم وعمران، لذلك استحق التقدير على مر العصور والأزمان. قال بعض السلف: لا ينال العلم ولاينتفع به إلا بتعظيم العلم وأهله، وتعظيم الأستاذ وتوقيره، فإن من علمك حرفاً واحداً مما تحتاج إليه في الدين هو أبوك في الدين. إن الأب يؤمن لابنه المأكل والمشرب والملبس، ولكن المعلم يؤمن له المستقبل الواعد والعيشة الكريمة، يقول ( هنري آدمز) أثر المعلم يمتد إلى ما لا نهاية، فمن المستحيل معرفة الحد الذي تقف عنده تعاليمه. إن مهمة التعليم كما قال أرسطو هي المهنة التي تعلم جميع المهن، فلا يوجد مهنة في الدنيا إلا وأساسها المعلم والتعليم. إن المعلم يعيش وسط الظلام ليحوله إلى نور، وهو خلال ذلك رائد مكتشف رحالة.. يضع أقدامه على أرض لم يطأها إنسان، ويرتاد الآفاق الفكرية التي لم يصلها بشر.. يجب أن يكون عنده دائماً أكثر مما يقول، وأعظم مما يحيط به، لأنه ليس منجم ذهب أو ماس، بل أروع، فإن المنجم يعطي ولكنه ينضب، أما المعلم فهو أشبه بطبقات الأرض، كلما وصلت لطبقة وغصت فيها وجدت طبقات أكثر ثراء وغنى. قد يشتكي المعلم من الإرهاق والضغوط المحيطة ولكنه ينسى كل ما يعانيه عندما يرى طلابه وقد تفوقوا في دروسهم أو عندما يرى التلميذ ضعيف التحصيل وقد تحسن أداؤه وهذه متعة. وبشكل عام فإن النظرة الحديثة للمعلم تتمثل باعتباره معلم قدوة يمثل دعامة أساسية من دعامات الحضارة فهو صانع أجيال وناشر علم ورائد فكر ومؤسس نهضة وإذا كانت الأمم تقاس برجالها فالمعلم هو باني الرجال وصانع المستقبل. فلك كل التقدير والإجلال والاحترام والمحبة.