كثير من التساؤلات طرحت من فترة إلى أخرى حول إمكانات وقدرة اللوبي الصهيوني بالولاياتالمتحدة في التأثير على صنع قراراتها، ومدى تأثر هذا اللوبي في تحويل الدفة لمصلحة إسرائيل. لا بد من التأكيد، أن الحديث عن اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة ليس نسجا من الخيال، وكثير من الدلائل على وجود وقوة ذلك اللوبي تصل كلها إلى نتيجة واحدة، هي أن اليهود يتصرفون سياسيا ككتلة منظمة مدركة لذاتها، ووجودهم في المفاصل الحساسة للمجتمع والسياسة والاقتصاد والثقافة في الولاياتالمتحدة. و«لوبي» هي كلمة إنجليزية، تعني «الرواق» أو «الردهة الأمامية في فندق»، وتطلق الكلمة كذلك على الردهة الكبرى في مجلس الشيوخ بالولاياتالمتحدة، إذ يستطيع الأعضاء أن يقابلوا الناس، وتعقد فيها الصفقات، كما تدور فيها المناورات والمشاورات، ويتم تبادل المصالح. اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة، هو كناية عن مجموعة من المؤسسات والتجمعات الشعبية التي تعمل بالتعاون مع بعضها، لإيصال وجهة نظر إسرائيل إلى أصحاب القرار، خصوصا في مجلسي النواب والشيوخ، أي الكونجرس وفي البيت الأبيض، وإقناعهم بتبنيها. ويتكون هذا اللوبي من ثلاثة فروع أساسية: 1. مؤسسة «إيباك»، أي اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة، وبعض المؤسسات اليهودية الأخرى، كالمنظمة الصهيونية الأميركية ومؤسسة التحالف ضد العنصرية. 2. شبكة واسعة من مؤسسات الأبحاث، مثل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومعهد المبادرة الأميركية، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، ومؤسسات كثيرة غيرها 3. التجمعات التي تدخل في إطار ما يسمى اليمين المسيحي الذي يساند القضايا الإسرائيلية المتطرفة الضغط الصهيوني في الولاياتالمتحدة الأميركية يرجع إلى ال6 ملايين يهودي، الذين يشغلون مناصب مهمة في مؤسسات المال والأعمال والإعلام والبنتاجون ووزارة الخارجية والكونجرس، وهي جالية قليلة العدد، لكنها جيدة التنظيم، مثقفة في مجال السياسة الخارجية، وثرية. وقد تشبّع الرأي العام الأميركي باعتقادات مردها إلى العقيدة البروتستانتية التي تملي عليه الإيمان بضرورة حماية الكيان الصهيوني، لأن ذلك علامة على قرب ظهور المسيح عليه السلام. ويهود أميركا استطاعوا ربط مصير الكيان الصهيوني بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، وذلك بوضع الكيان الصهيوني في موضع الدفاع عن مصالح أميركا في الشرق الأوسط. إن ما وصل إليه اللوبي الصهيوني اليوم من قوة لا يستهان بها في تحريك الإدارة الأميركية نحو مصالح إسرائيل، وممارسة الضغط عليها من كل الجهات، بما فيها الكونجرس والحملات الانتخابية ومراكز البحوث والدراسات وكذلك الاقتصاد، إضافة إلى نجاحه في استمالة الشعب الأميركي عن طريق الإعلام بتصوير إسرائيل في دور الضحية، هو ما يجعل الولاياتالمتحدة -حكومة وشعبا- يستميتون في الدفاع عن إسرائيل بكل الطرق، ويدعمونها قولا وفعلا، بإمدادها بالمساعدات لدعم اقتصادها، وبالأسلحة لتأمينها، ودعمها سياسيا، وحمايتها بجعلها أبرز وأهم أولويات سياستها الخارجية.