يغلب على أكثر كبار السن، النظرة المتعالية والغرور على من هم أقل منهم سنّا، وإن كانوا أكثر تفوقا وكفاءة منهم «في الشهادة أو الوظيفة»، ويبدعون في التصوير المتميز بأنهم رائعون، وقناعتهم الكاملة التي تتميز بشيء من المعاندة، أنه لن ينجز أحد مثلما أنجزوا في التفوق الوظيفي والمهارات الحياتية على وجه الخصوص. وتسببت هذه الأمور في ترويج التذمر والتقليل من الثقة بالنفس، وقتلت الطموح لدى كثير من الشباب، وولّدت تصورا سيئا لدى عدد من مواليد التسعينات وما بعدها، بأنهم فاشلون، وأن الحياة أعطتهم ضربة حظ فيما نجحوا فيه، وأن كبار السن أكفأ وأقدر منهم في غالب الأمور «حتى صار فيهم الفتى يقول كان أبي!». وتعلمون أن أكثر الذين حالفهم الحظ من كبار السن وكانوا أصحاب تميز فيما شغلوه من الوظائف -كما يقولون- حققوا ذلك بسبب الممارسة ووفرة الوظائف في ذلك الوقت، والتي لا تخضع للمفاضلة، وتعتمد بشكل بسيط على الشهادة، دون التحقق من كفاءة حاملها في زمنهم. ولم تكن الأحوال كما هي عليه الآن، إذ إن الموظف في الوقت الحالي -ومن أبناء هذا الجيل- لا يحصل على وظيفته إلا بعد تقييم قوة الكفاءة بعد الحصول على الشهادة. من المفترض أن يعترف كبار السن بكفاءة أبناء هذا الجيل والأجيال القادمة، وأن يتحلوا بالشجاعة في الاعتراف بكفاءة أبنائهم، الذين تتلمذوا على أيديهم، ولا بد أن يكونوا أكثر صراحة، ويعترفوا بالإنجازات التي لم يسبق لها مثيل من أبناء هذا الجيل، سواء تلك التي تحققت داخل المملكة أو خارجها، إذ مثلوا بلادهم خير تمثيل. وتعلمون أن أبناء هذا الجيل تمكنوا من رفع عدد السعوديين في الجامعات، وكذلك في الوظائف الصحية، على الرغم من شح الوظائف في هذين المجالين، لقد كان ذلك نتيجة لما يتميز به أبناء هذا الجيل من المهارات الحياتية التي لا يستهان بها، إذ نجد غالبهم يتميزون بالوعي الجيد، ويتمكنون من عيش حياتهم بطريقة تحقق لهم مصالحهم، نتج عن ذلك تحسن المجتمع الذي نعيشه بسببهم، وتميز عن أي وقت مضى. إنني أتطلع إلى أن تختفي هذه الظاهرة، وأن يتم التركيز على الإنجازات بدلا عن فرق السنّ. وإن الغرور الذي يتم على الشباب سينتج جيلا يعاني الرجعية والإحباط.