أكدت ناشطة حقوقية أن الأفراد بحاجة إلى مؤسسات مجتمع مدني وسن قوانين من أجل القضاء على ظاهرة "العنف ضد المرأة"، كما دعت إلى خلق مجتمع خال من العنف، وبناء أسر سعيدة ومسالمة، من خلال إيجاد حلول جذرية وحقيقية للتخلص من هذه الظاهرة، بدلاً من البحث عن الإحصائيات والأرقام المفزعة، واستعراض مظاهر العنف فقط، دون السعي لمعالجة الأسباب الرئيسية لانتشارها. جاء ذلك خلال ندوة شاركت من خلالها الناشطة في مجال حقوق الإنسان عالية آل فريد، بجانب الأخصائي النفسي أحمد آل سعيد، في منتدى الثلاثاء الثقافي بمحافظة القطيف الثلاثاء الماضي، وقدمها عبد العظيم الضامن، وسط حضور مثقفين وناشطين ومهتمين بقضايا حقوق الإنسان. وأكدت آل فريد أنه "في ظل العولمة والحداثة والانفتاح، وفي أوج تنامي حركة الوعي الثقافية والحقوقية على مستوى العالم الدولي والإقليمي والمحلي، فإننا نشهد تزايد انتشار ظاهرة العنف". وقالت "هناك من يعتقد أن العنف هو لغة التخاطب الأخيرة الممكن استعمالها مع الآخرين، وذلك حين يحس المرء بالعجز عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي، ولكنه يأتي مع المرأة اللغة الأولى في التخاطب معها". وأوضحت آل فريد أن الحكومة وعدت بوضع حد لنظام ولاية الأمر، ووصاية الرجل على المرأة، في العمل وفي السفر، وفي الشؤون المالية والتجارية والمدنية، وحتى الرعايا الصحية، وفي الحد من الوصاية عليها، واستدركت بالقول "لكن النظام مازال يضرب بجذوره عميقا في أغلب مجالات حياة المرأة، وجاء تعديل الحكومة الوحيد هنا في السماح للنساء باستئجار حجرات في فنادق وحدهن أثناء سفرهن فقط لا غير"، مشيرة إلى أن جهود الحكومة نحو مكافحة العنف الأسري ووضع حد لزواج الأطفال من الصغيرات مازالت قرارات ضعيفة وواهنة. ونوهت آل فريد بأسباب العنف الكثيرة والمتعددة، والتي يأتي في أبرزها استسلام المرأة وخضوعها، وقبولها بواقع العنف المفروض عليها، قائلة "مع الأسف باتت المرأة على استعداد لتلقي الإهانة والضرب، واعتبار التسامح والخضوع أو السكوت هو رد فعل حميد لذلك، مما يحفز الآخر على التمادي والتجرؤ أكثر فأكثر، وتتجلى هذه الحالة أكثر عند فقد المرأة من تلجأ إليه، أو ومن يقوم بحمايتها". وأشارت إلى أن الجهل بالحقوق والواجبات يجعل المرأة عرضة للعنف، بجانب تدني المستوى الثقافي للأسرة وللأفراد، والتربية العنيفة التي ينشأ عليها الفرد هي مصدر آخر للعنف، والعادات والتقاليد. فيما بيّن الأخصائي النفسي أحمد آل سعيد أن العنف الموجه ضد المرأة له عدة أشكال، يأتي في مقدمتها ممارسة العنف الجسدي عن طريق إيذاء الجسد بالضرب أو الحرق، والعنف النفسي أو العاطفي، وهو عدم احترام مشاعر المرأة وعقليتها، وشتمها، والسخرية منها، وعدم تقبل آرائها وتهميشها، والعنف الجنسي, والذي يتمثل في محاولة التحرش أو الاغتصاب، والتعامل معها بشكل غير لائق في الاحتياج الجنسي وإيذائها. وأوضح آل سعيد الآثار الصحية للعنف ضد المرأة والأضرار التي تلحق بها، وعدد منها التشوهات الجسدية والاضطرابات العضوية والاضطرابات النفسية، قبل أن يتطرق لأسباب العنف التي حدد منها ضعف الوازع الديني وضعف الثقافة التربوية.