انتقد سفير الجمهورية العربية السورية بالسعودية، الدكتور مهدي دخل الله البطء الذي يجده في بعض الإجراءت الرسمية، حول عدم إشعار سفارة بلاده بانتهاء محكومية بعض السجناء السوريين في المملكة، مما يضطرهم إلى تنفيذ حكم السجن مرة أخرى عندما يعودون إلى وطنهم، مطالبا من الجهات ذات العلاقة "إشعارنا بانتهاء الحكم القضائي". من جهة أخرى، أبان دخل الله أن هنالك تعاونا إيجابيا من الجهات الأمنية في المملكة، مع القضايا التي ترفعها لهم السفارة، وهو ما "يشعرك بأن العلاقة ليست دبلوماسية وحسب، بل علاقات أخوية". إلا أنه اعتبر أن "مشكلة الكفيل"، هي من أبرز المشاكل التي تواجهها العمالة السورية في المملكة. وفيما يخص التبادل السياحي بين الرياض ودمشق، كشف السفير عن تنامي أعداد السياح القادمين من المملكة لبلاده في الآونة الأخيرة. وفيما يتعلق بموضوع الزواج المشترك بين أفراد من البلدين، أكد دخل الله أن الزواجات المختلطة "ناجحة بنسبة 99%"، وأنه "في حال حدوث مشاكل للزوجات السوريات، فإننا نضطر إلى مخاطبة وزارة الخارجية". وهنا نص الحوار: هناك بعض الحوادث السلبية تعرض لها سياح سعوديون في سورية، خلال موسم الصيف، الأمر الذي أشعرهم بنوع من القلق، كيف تعلقون على مثل هذه الأفعال؟ طبعا، أحيانا يبالغ في مثل تلك الأمور والإعلام بطبيعته يميل إلى ذلك المسلك التصعيدي، وبخاصة التي تتميز بالبعد الدرامي، أما الطبيعي فتجده يتجاهلها. مثلا، 100 ألف سائح سعودي زاروا سورية، 90% منهم تمتعوا بأجمل سياحة هناك، إلا أنك تجد الإعلام يحجم عن نشر تلك الحقيقة، ويبحث عن نسبة ال10% وهم الاستثناء، والإعلام بطبعة يسعى لإبراز الاستثناء. ولكن بعض الإعلام السعودي يركز على هذه القضايا، بينما تأتي لنا في السفارة قضايا لسوريين، ولكن لا أنقلها للإعلام السوري، لأن الأساس هو أننا شعب وأمة واحدة، وهناك ترابط بشري بين الشعبين. أمنٌ متعاون كيف تجد تعامل الأمن السعودي، مع القضايا التي تتدخل فيها السفارة السورية، من أجل حل وضع رعاياها؟. تعامل إيجابي كبير جدا، وذلك التعامل يشعرك بأن العلاقات ليست دبلوماسية فحسب، بل علاقات أخوية. إذ إن العلاقات الدبلوماسية تلتزم ببرتوكولات وشكليات، ولكن العلاقات الودية بين البلدين فيها من الدفء والود في التعامل، أكثر منها دبلوماسية. وهذا التعامل لا ينطبق فقط على الأمن، بل على جميع المستويات الحكومية السعودية. مشكلة الكفيل ما هي أبرز المشاكل التي يواجهها المقيم السوري في المملكة؟. طبعا هي مشكلة الكفيل ونظام العمل بشكل عام، وهذا أمر طبيعي، وهذا ما أنقله للمقيمين في سورية، بأن هناك نحو نصف مليون مقيم سوري يعملون في الأراضي السعودية، ولو اشتكى منهم 100 فقط من مشاكل، فهذا يعني أن العلاقات ممتازة وجيدة، وهي نسبة بسيطة ولا تكاد تذكر، ولا نرغب لا أنا ولا الإعلام السعودي، في تسليط الضوء على تلك المشاكل، لأننا ننظر في الجزء الإيجابي، بين رب العمل والعامل السوري. قضاء المحكوميات قلت إن هنالك مشاكل مع نظام العمل، في ماذا تتمثل؟. يمكن أن يعد البطء في الإجراءات بمحاكم العمل، هي المشكلة الأبرز، وهي أبرز الشكاوى من قبل السوريين الزائرين للسفارة. وهناك مشكلة الإجراءات القضائية، وهي أنه بعد أن يقضي السوري حكمه في السجون السعودية ويغادر إلى وطنه، يتم إيداعه السجن هناك، حتى يأتي بما يثبت تنفيذه للحكم العقابي السعودي، وهي مشكلة إجرائية، والسلطات السعودية تأخذ وقتا من المراسلات، حتى نحصل على ما يثبت أن المحكوم عليه قضى حكمه في السجون السعودية. ولدي حالة قائمة الآن، إذ زارني أحد الرعايا السوريين، يشتكي من سجن شقيقه بسورية لأكثر من 10 أشهر، ولم نحصل حتى الآن من السلطات القضائية السعودية على ما يثبت تنفيذه للحكم، ولم يتبقَ على تنفيذ الحكم للمرة الثانية، إلا فترة بسيطة، وبعدها يتم إخلاء سبيله هناك!. من الملام برأيك في هذا الموضوع؟. أنا برأيي أن على السلطات السعودية أن تقوم بتزويد كل المفرج عنهم بعد انتهاء محكومتيهم في السجون، بوثيقة تثبت انتهاء المطالبه القضائية، بعد أن تم تنفيذ الحكم. وهل الجانب السوري يزود السجين السعودي بوثيقة مماثلة لما تطالب به؟. لا أعلم حقيقة، ولا أعتقد أنها تزود السجين السعودي المفرج عنه، ولكن أعتقد أن السلطات السورية تبلغ السفارة السعودية بدمشق. وأتمنى أن تشعر السفارة السورية بالرياض بتنفيذ الحكم السعودي، على الجاني السوري، كما هو جار في سورية. هل خاطبتم السلطات السعودية القضائية حول هذا المقترح؟. نحن نعمل على الموضوع، مع السلطات السعودية. الموقوفون في سورية لكن على المقلب الآخر، يعاني بعض السعوديين من بطء في تنفيذ الأحكام الجنائية في سورية، وقد يمتد ذلك إلى حال تقود لعدم الإفراج عنهم، كما حدث مع المواطن يوسف الشراري. وهنا حديثي عمن تمت تبرئتهم. هنا كذلك يحتج العديد من السوريين في السعودية، من بطء الإجراءات القضائية، وهذه القضايا تتعلق بأعمال وزارة الداخلية والتحقيق. ولكن دائما أقول، إن كل قضية فيها طرفان، وتحتاج إلى وقت تفصيلي عن كل حالة، ولا يمكن أن نطلق الأحكام. وإن أردنا أن نتحدث عن العموم، فإن العلاقات السعودية فاقت العلاقات الأخوية إلى ما هو أكثر، وخاصة عندما قلت إن مئات الآلاف من السوريين، يعملون هنا، وعشرات الآلاف من السعوديين يزورون سورية، وإن ظهرت بعض المشاكل المعدودة، لا يمكن أن تحكم على الوضع العام. تزواج ناجح تحدثت بإسهاب عن المشاكل العمالية للسوريين في المملكة. ماذا عن المشاكل الاجتماعية، إن وجدت، بحكم وجود تزواج بين الجانبين؟. المشاكل الاجتماعية بين السوريين والسعوديين كذلك موجودة، ولكن لله الحمد فإن نسبة نجاح الزيجات تفوق 99%، وهو نجاح يفوق الوصف، مع أعداد حالات الزواج بين السوريين والسعوديين، والتي فاقت المئة ألف، حيث لا يحضرني العدد بصورة رسمية. في حال وجود مشكلة بين زوج سعودي وزوجة سورية، كيف تتدخل السفارة لحل تلك المشكلة؟. تعلم أن القضايا الأسرية محكومة بالقانون الشرعي، وفي حال وجود ما يستدعي التدخل، نكتب مذكرة لوزارة الخارجية السعودية بهذا الشأن، ووزارة الخارجية تحولها للمؤسسات ذات الصلاحية. الاستثمار السياحي بالعودة للموضوع السياحي، هل تمكنت سورية من أن تتم بنيتها التحتية، لاستقبال السياح القادمين إليها؟. بالفعل، سورية مقصد سياحي عالمي هام، وهو لا يزال بحاجة إلى البنى التحتية، وإلى ما يسهل السياحة. والخطاب الرسمي، وثرواتنا وطاقتنا السورية، أكثر من البنى التحتية، ليس بسبب قلة البنى في سورية، بل لكبر وكثرة الطاقات الهائلة. ماذا عن دعم الاستثمار السياحي، وجلب المستثمرين الأجانب؟. هناك طبعا سوق استثماري سياحي، ويتم عرض المشاريع السياحية القابلة للاستثمار، وهناك تنظيم للملف الاستثماري. وكما قلت سابقا، إن سورية هي خزينة من الثروات السياحية في العالم، ومهما طورنا في البنى التحتية لهذا القطاع، إلا أننا نرى أننا بحاجة لتطويره. منافسة الجوار أمام منافسة عدد من الدول العربية سياحيا، وبعض الدول القريبة مثل تركيا، كيف تنظرون لتلك المنافسة؟. كل الدول العربية أشقاء، وتركيا دولة صديقة، ولا تنسى أن كل من أراد الوصول إلى أغلب تلك الدول براً، لا بد أن يمر عبر البوابة السورية، لذلك نحن نجد أن المصلحة في تلك الدول واحدة في المجال السياحي. أتصور أنه يجب التنسيق في التعامل مع السائح العربي على وجه الخصوص، والأوروبي على وجه العموم، خاصة أن هناك تكاملا في التراث السياحي بين الدول، وخاصة ببلاد الشام. معاناة ومصاعب سأعود لذات النقطة التي بدأت منها الحوار، حيث إن ما يؤرق السائح السعودي، هو ما يعتبره البعض "الضعف الأمني في سورية"، بعكس بعض الدول العربية، التي لا يواجه فيها السائح أيا من تلك المشاكل؟. التقارير العالمية تعتبر سورية من أكثر الدول أمناً في العالم، وهناك أماكن من الطبيعي ألا تذهب إليها -وأتمنى أن تكون قد فهمتني-، وعندما يذهب إلى دورة المياه، لا بد أن يعي أن هناك ماء ساخنا وبخارا! وفي المكان العام فأنت آمن، وفي سورية أنت بأمن من أي مكان. وحتى السفير السعودي، قال رأيا مطابقا لرأيي في بيان صحفي سابق. وماذا عما يعانيه السائح السعودي، من سوء تعامل بعض موظفي الجمارك السورية، دون تحسن في طريقة أدائهم؟. ما أسمعه أن السائح يجد في تعامل الجمارك السورية، أفضل مما يجده في بعض الدول الأخرى، بل أسهل وأسرع. وبالتأكيد تحتاج إلى تطوير، وخاصة أن التطوير هو عنوان الحياة.