يبدأ كتاب المعاريض الذين يعملون في مختلف مناطق المملكة أمام مباني الجوازات والمحاكم والأحوال المدنية والغرف التجارية يومهم عادة من الساعة السابعة إلى الثانية ظهرا، تحت وطأة الشمس، وفي المطر والبرد لكتابة معاريض واستمارات المواطنين والمقيمين الذين يلجؤون إليهم لتعبئة هذه الاستمارات والمعاملات. يقول محمد داحس (أحد كتاب المعاريض) إنه يقوم يوميا بكتابة من 9 إلى 15 معروضا، وإنه يقضي وقته من السابعة صباحا في البرد والمطر، ويمكن من خلالها للإنسان أن يعول أسرته بما تيسر من العمل، حيث نعمل في هذه الظروف وتغيرات الطقس لكسب رزقنا. وأضاف أن العديد من الأشخاص في كافة مناطق المملكة يمارسون هذا العمل، وهو عمل لا يقتصر على الرجال، حيث تعمل بعض النساء في هذه المهنة، ويقدمن خدماتهن لمثيلاتهن من النساء. وعن طبيعة عمله قال داحس "نقوم بكتابة المعاريض باستخدام الآلة الكاتبة، نظرا لعدم توفر كهرباء، في أماكن العمل التي تكون في الهواء الطلق، ونقوم بتعبئة الاستمارات الخاصة بالجوازات، مثل تجديد الإقامات، وإجازات العمال ونقل معلومات، وتمديد الزيارات، والزيارات العائلية، والتجارية أو المرضية وغيرها من الأوراق المطلوبة في بعض الإدارات الحكومية" مشيرا إلى أنه رغم الظروف الصعبة التي يعملون بها، يخافون من أن يتم طردهم من الموقع الذي يتكسبون منه. ويقول علي ظافر سعيد "نتمنى أن ينظر إلى عملنا بعين الاعتبار من قبل الإدارات التي نقوم بالعمل أمامها، وخدمة المستفيدين من خدماتها ونتمنى أن يتم تأمين مكاتب لنا أو حتى مظلات ومواقع تخصص لنا تحمينا من البرد والمطر وظروف الطقس المتقلبة"، مشيرا إلى أن معظمهم لا يحمل شهادات جامعية، ويعاني من البطالة، ويبحثون عن أي فرصة للكسب الحلال. وأضاف أن هذه المهنة لا تحتاج إلى متخصص في مجال اللغة العربية، لأن العمل عبارة عن تعبئة استمارات، مبينا أنه يتمنى ان يتم النظر إلى العاملين في هذا المجال بتوفير مواقع مخصصة لهم باعتبارهم يقفون في واجهة الإدارات الحكومية، كما يمكن التعاون من رجال أعمال في توفير مراكز متخصصة لتدريب كتاب المعاريض، وتعيينهم، وتوفير مواقع مريحة، وأجهزة متطورة تساعدهم على كسب قوتهم من ناحية، وأداء مهمتهم بكفاءة من ناحية أخرى. وعن المواقف الطريفة التي يواجهها كتاب المعاريض يقول سعيد "أكثر الطرائف تحصل معنا خلال تعاملنا مع كبار السن، وخاصة عندما نكتب لأحدهم معروضا وعند قراءة المعروض عليه يقول "لا لم أقل لك ذلك اكتب كما قلت لك"، وكذلك السيدات كبيرات السن، واللائي يأتين ولا يملكن أي وثائق أو مستندات نستطيع تضمينها ضمن معارضهن. هذا غير تطاير الأوراق أيام الريح، أو بللها بالماء أيام المطر المفاجئ". ويضيف سعيد "أحيانا بعدما ننتهي من كتابة المعروض يكون صاحب المعروض قد غير رأيه ولايريده، وفي أحيان أخرى يخذلني القلم إما بانتهاء الحبر أو كسر ريشته". وأضاف خالد القحطاني (كاتب معاريض) أنه يعمل في هذه المهنة منذ أربع سنوات، وأنه راض بما يرزقه الله منها، وأنه يتابع 10 معاريض يوميا، تجلب له ما يكفيه لأن يعول أسرته، مع أن هناك مصاعب في المكوث على الرصيف لفترات طويلة ومشكلات تقلبات الجو، وعدم انتمائهم إلى جهة تدعمهم. ويقول مدير عام جوازات منطقة عسير العميد سعد بن زياد إن كتاب المعاريض لا يتبعون في عملهم لجوازات منطقة عسير، والجوازات غير مسؤولة عن تأمين مواقع لهم، وبإمكانهم التوجه للبلدية لتوفير مواقع لهم تعينهم وتساعدهم على العمل، مشيرا إلى أنهم لا يتواجدون بشكل منتظم، وأن موقعهم أمام مبنى الجوازات لا يعني علاقتهم بها. وأضاف أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بأبها سعيد آل سحيم أن الغرفة التجارية تقدم الدعم الكبير للشباب السعودي في المجالات والمشاريع المختلفة وقال "في ظل الحكومة الإلكترونية لا مستقبل لعمل كتاب المعاريض، لذلك هم بحاجة إلى الدخول إلى هذا العمل بطريقة تتواءم مع التطور الحديث للمعاملات الإلكترونية. ونصح آل سحيم كتاب المعاريض بالتوجه إلى مشاريع أكثر جدوى أو تطوير العمل بآلية منظمة كافتتاح مكاتب تعقيب أو خدمات والاستفادة من برامج الغرفة التجارية الصناعية وصندوق تنمية الموارد البشرية قائلا إن وجودهم أمام الإدارات الحكومية وعلى الأرصفة منظر غير حضاري، مؤكدا أن الغرفة على استعداد للتعاون معهم في سبيل تطوير هذا العمل، وعمل جدوى اقتصادية للحاق بركب الحكومة الإلكترونية، وتطوير هذه المهنة لتخدم طالبيها من الإدارات الحكومية. وأبدى آل سحيم استعداد الغرفة التجارية لتنظيم وتدريب هؤلاء الشباب على تحرير الاستبيانات الحكومية بطريقة متطورة.