فكرة الزواج من شريك آخر هو قرار شخصي محض لا يحق لأحد الدخول فيه طولا وعرضا، إلا بعد طلب الاستشارة منهم وفي حدود معينة. لربما الحديث عن زواج المرأة الأرملة التي فقدت يوما من الأيام رجلا زرع الابتسامة بين شفتيها، وعاش معها أجمل الذكريات أو العكس تماما من الأيام المرة، كلتا الحالتين هما ذكرى في حياة كل امرأة عاشت بين الفرح والقهر. يشكل الجانب العاطفي في حياة المرأة الحيز الأكبر في حياتها، فهي تريد العيش مع رجل يسد ذلك الفراغ النفسي، وبالتالي من المهم أن تدرك الأسرة واقع هذه المرأة التي فقدت هذا الواقع العاطفي والنفسي، وقد حان الوقت لكي ترى حياتها مع رجل آخر بعد أن تزوج أبناؤها وبناتها وأصبحت بين الجدران تحدث نفسها تارة وتهتم بأحفادها تارة أخرى. إلا أن هناك ثقافة قاهرة تربى البعض عليها وهي من المعيب زواج الأرملة بعد الخمسين، باعتبار أن المجتمع لا يرحمها في تلك النظرة القاسية، ورميها بألفاظ تقدح في شرفها، للأسف وكأن الزواج مرتبط بسن معينة. من جانب نفسي يرى الطب في هذا الصدد أن الزواج المتأخر أكثر استقرارا وأكثر نضجا، حيث يمتلك كلا الطرفين الخبرة والنضج المؤهلين للتعايش والتقبل والتفاهم، وربما الحب. وما يميز الزواج في سن متأخرة أنه أكثر قدرة على الاستمرار، حيث يشعر كل منهما أن لا وقت للتجربة والخطأ. كذلك مع انعدام المسؤولية المالية والتربوية يكون الهدوء النفسي. فالأبوان قد كبر أبناؤهما وأصبحوا في غنى عنهما. وهذا يجعلهما أقل تعرضا للضغوط النفسية، وأكثر قدرة على الاستمتاع بالحياة. يرى البعض أن سن الخمسين وحتى الستين ليس مانعا بذاته للزواج، الجميع ينظر للأمر من زاوية العيب، وماذا تريد بعد هذا العمر من الزواج؟!. في ظني أن المرأة تحتاج في هذه السن التي ينفض الجميع يده منها، فالأبناء والبنات قد استبقلوا حياتهم، بينما هي تعيش إدبار الحياة عنها. المرأة في هذا العمر تحتاج إلى الرفقة والمؤانسة، وأن يبدأ الصباح مع إنسان تتبادل معه الحديث والأخبار وربما الشكوى. فهل المطلوب من المرأة أن تتحنط بعد موت زوجها، بينما يسعى المجتمع كله لتزويج الرجل ولا ينظر إلى عمره. لقد أعطى ديننا الإسلامي المرأة كامل حقوقها وأنصفها، لكن المجتمع سلب منها تلك الحقوق وأجبرها على العيش على النسق العام في تلك المجتمعات التي ترى بشكل أو بآخر ثقافة عيب بالمطالبة بحقوقها. وبالنهاية نصل إلى أن الزواج ضرورة فطرية يحتاجها الطرفان، بغض النظر عن السن، وهي أساس العلاقة بين الزوجين الذي نصت عليها الآية الكريمة (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَ?لِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).