لم يفتن لمعان الذهب المصور محمد المهنا الذي فتح عينيه عليه منذ نعومة أظفاره، حيث ينتمي لعائلة تتاجر في الذهب بيعاً وشراءً، ولم تستطع "العناقيد" المعلقة على أرفف متجرهم أن تأخذه في أحضانها بعيدًا عن "العمة النخلة" التي تعلق بها ودللها بين عدساته مرات ومرات، فأشبعت نهمه وأرضعت ذائقته حتى كبر المهنا وكبرت معه صورتان "النخلة وشموخها الأزلي". محمد المهنا واحد من المصورين السعوديين الذين اهتموا بتصوير "العمة" في أعراسها المتعددة الأشكال بدءاً من طور "التنبيت إلى طور التكوين للرطب والتمر" وغير ذلك، حتى أصبحت أعماله تعرض في الدول الأوروبية محققةً مراكز متقدمة ونالت شهادات فخرية كان آخرها شهادة فخرية من جامعة هامبرج في ألمانيا على مشاركته بالعديد من الصور عن النخلة السعودية. ويشير المهنا خلال حديثه إلى "الوطن" إلى أن اهتمامه تولد من خلال روعة الطبيعة الأحسائية التي عايشها بين المياه والخضرة والنخيل"، وكان اهتمامه منصبًا على نقل تراثنا من النخيل إلى دول العالم، حيث إن هذه النبتة غير معروفة في الشارع العالمي كونها لا تنبت إلا في هذه المنطقة. ويرفض المهنا المشاركة في المسابقات التي تفرض رسومًا على المصورين؛ ولأنها في نظره تهدف إلى تكوين رصيد عالمي من الصور على حساب المصورين المحترفين، وتسلم الفائزين جوائز من هذه الرسوم التي دفعها زملاؤهم لهم أصلاً، وهناك جهات تنظيمية ابتكرت بذكاء أسلوبًا جديدًا يهدف إلى الربحية لها وتوفير الجهد والأموال، فبدلاً من التعاقد مع مصورين محترفين لتصوير الحياة اليومية والبيئة والطبيعة والحيوانات في بيئاتها وغير ذلك، يُعْلَن عن مسابقة تضم ما تقدم وتأتيها الصور جاهزة، مع ضمان عدم مطالبة المصور المشارك في المسابقة بأعماله على حد تعبيره . وقال المهنا: إننا في المملكة نمتلك عدسات ذات قيمة وذائقة فنية بنفسجية رائعة، بيد أن الحاضن لهذه العدسات ليس موجودًا على الساحة وإن وجد فليس مستقراً إدارياً أو متجانساً وتحكمه المجاملات والمحسوبية ؛ ولأن مغني الحي لا يطرب؛ فكثيراً ما نرى شركاتنا تأتي بمصورين غربيين لتصوير منتجاتها التجارية ويأخذون أموالاً أضعاف ما نأخذ نحن عندما نصور منتجاتٍ لهم، ولا نعرف لذلك سبباً سوى الهوس بكل ما هو غربي.