يمثل سوق القيصرية في بيت الخير بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة الجنادرية 33، نقطة جذب للزوار الذين يستمتعون بمتابعة الحرفيين في دكاكين القيصرية. ويمثل السوق الذي شيد بالتصاميم المعمارية نفسها، والشكل الهندسي للسوق، في محافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية صورة للحركة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة. سوق القيصرية بالأحساء هو أحد أشهر الأسواق التاريخية الأثرية على مستوى منطقة الخليج العربي، ويقع وسط مدينة الهفوف، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1238، ويضم نحو 422 محلا، غالبها دكاكين صغيرة مُستأجرة من التجار والأهالي. وذكر كتاب «سوق القيصرية» لمدير فرع جمعية علوم العمران بالأحساء المهندس عبدالله الشايب، أن السوق موجود منذ نحو 6 قرون مع تاريخ وجود الاستيطان حوله، ومن ثمَّ إنشاء مدينة الهفوف، إلا أنه من المؤكد أن هذا السوق كان قائما في القرن التاسع عشر، حيث ذكره الرحالة في مذكراتهم. ويتكون القيصرية من مجموعة دكاكين صغيرة ومتقابلة، وفيه رواق خارجي للمواد الغذائية، كما يباع عند البدو ثياب مخيطة يدويا، ويضم السوق «الحواويج» والعطارين الذين يبيعون أدوات العطارة، والأدوية الشعبية والتُراثية القديمة، وكان يمثل أهمية كبرى لدى كبار السِّن وأهل الحشمة الذين لا يلبسون ثيابا إلا تلك المخيطة باليد، أمَّا بعضهم الآخر فكان يشتري ثيابا مخيطة بالماكينة التي جلبت إلى الأحساء في الخمسينات. أمَّا هيئة الدكاكين في القيصرية، فهي عبارة عن محلات وأبواب من 3 قطع، قطعتان يجلس عليها صاحب الدكان، وقسم مُتدلٍّ إلى الأسفل، والقسم الثالث يرفع إلى أعلى وتوضع خشبة لها في الباب محل في الحائط، وهذا النوع من الأبواب كانت تتميز به قيصرية الأحساء عن بقية القيصريات المنتشرة في الخليج. وتتميز ممرات القيصرية بارتفاعها لتشكل ارتياحا للمرتادين، والاستفادة من ذلك للتهوية والإضاءة الطبيعية. وطابعها المعماري مُميَّز سواء في تشكيلة الأسقُف المُلَّونة أو الأبواب المستخدمة ذات الانكسارات أعلى وأسفل ليعرض ويعلق عليها البضاعة، أو تلك الأبواب إلى تشرع الجانبين واستخدام المسامير المقببة. وتختلف وتتنوع البضاعة المعروضة في السوق، إذ توجد الصناعات التقليدية كالبشوت والعبايات والصناعات النحاسية، إلى المنتجات الحديثة كالمواد الغذائية وبيع الأحذية والعطورات وبيع الملابس والأقمشة، وبيع الساعات ومحلات للصرافة، تحت سقف واحد. وقال المهندس عبدالله الشايب، إن «القيصرية شكَّلت إرثا اجتماعيا بتوارث الباعة والحرفيين فيها، كما أعطت نموذجا للتواصل الاجتماعي عن طريق التقارب في المحلات، ولذلك لمثل هذا السوق مكانة كبيرة في نفوس الأحسائيين خاصة، وأهل الخليج بشكل عامة».