قد يعتقد بعضهم أنني سأدخل في جدال ديني عميق في هذا الموضوع. عفوا سيكون الحديث عن اﻻنتظار في حياتنا، وأثره على أنفسنا من الناحية النفسية والجسدية، في هذه الحياة التي تشهد تطورا وتقدما في جوانب مختلفة، كلها في الغالب تصبّ في توفير الرفاهية لنا، وتيسير أمورنا الحياتية، والتي غيّرت -بحق- نمط الحياة التي نعيشها على نحو متسارع، بفعل اختراعات واكتشافات هائلة، تزداد يوما بعد يوم، ولّدت لدينا أنماطا من السلوك العملي يساير هذا التطور. واﻻنتظار بكل أنواعه جزء من هذا السلوك، أصبح حالة مسيطرة على حياتنا في الوقت الحاضر، يتعدد في عدة مواقف، بين قصير وطويل، أُدخل بشكل متعمد كي ينظم حياتنا ويحقق عدالة للجميع، دون استثناء، إﻻ في حالة خاصة وضرورية، والأمثلة كثيرة نستعرض بعضها دون الالتفات إلى الأهمية. وقوفنا عند إشارة المرور، وقوفنا في طوابير في محل تسوق وفي بنك، واﻻنتظار لموعد أو مقابلة، أو الصعود للطائرة أو القطار، هذه أمثلة بسيطه، فكيف يخالج النفس وهي في هذا اﻻنتظار؟ الإجابة ستبقى مرهونة بالموقف في هذا اﻻنتظار، قد يعبّر صاحبه عن رأي سلبي أو إيجابي عند الحديث عن هذا الموقف، يأتي عفويا أو مباشرا بعد نهاية الحدث، إن كان الموقف سلبيا فإنه يحدث ردة فعل مؤثرة على صحتنا، خاصة عندما يكون انفعاليا وهذا الحاصل في مجتمعنا مع الأسف أحيانا. هناك انتظار أكثر عمقا، إنسانيٌ، مؤثر، ومؤلم في حياتنا، تمر به شريحة واسعة في المجتمع، أبرزهم المرضى والمساجين الذين يعانون بين الجدران وعلى السرير الأبيض، يحسبون الأيام والأسابيع على نحو دقيق، يتمنون التحرر من القيود والعودة إلى ممارسة حياتهم بحرية، ولعل اﻻنتظار الأكثر إيلاما والأشد هو اﻻنتظار القاتل الذي ينتظر صاحبه عقوبة الإعدام، الذي يعيش في أرق وسهد، يهجم عليه الفزع المرعب عندما يغفو أو ينعس في الصباح أو المساء أحيانا، تعصف بعقله فكرة متى يتم التطبيق. هناك انتظار نختاره يجلب لنا السعادة والفرح في حياتنا، يتمثل في أحداث مثل الحصول على الشهادة، والنجاح، أو الحصول على منصب، أو الإقدام على الزواج أو انتظار مولود، أو تحقيق النجاح في مشروع، والذي يحقق في داخلنا راحة نفسية تزيد من عطائنا في هذه الحياة. وفي الأخير، نبقى في حيرة في هذا العالم لمعرفة من هم الأكثر عددا على هذا الكوكب الذين صنع لهم اﻻنتظار سعادة، ومن الذين صنع لهم التعاسة والأسى والحزن والندامة!.