تعرضت محافظة إدلب في شمال غرب سورية، أمس، لغارات جوية روسية هي «الأعنف» منذ تهديد دمشق مع حليفتها موسكو بشن هجوم وشيك على المنطقة، في تصعيد يأتي غداة فشل أركان قمة طهران في تجاوز خلافاتهم لتجنيب المنطقة الخيار العسكري. ويثير هذا التصعيد الخشية من بدء العد العكسي لإطلاق الهجوم الفعلي على إدلب التي تعد آخر معقل للفصائل المعارضة في سورية، في وقت تحذر الأممالمتحدة من «كارثة» إنسانية في حال شن الهجوم الذي يهدد بنزوح قرابة 800 ألف نسمة من إجمالي نحو 3 ملايين يقيمون في إدلب وجيوب محاذية لها. ونفذت طائرات روسية عشرات الغارات، أمس، على بلدات وقرى في ريفي إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تزامنت مع إلقاء المروحيات الحربية التابعة لقوات النظام أكثر من 50 برميلا متفجرا على المنطقة، إضافة إلى القصف المدفعي. وتسبب القصف الجوي وفق المرصد في مقتل 4 مدنيين على الأقل، بينهم طفلان. سقوط قتلى قال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن هذه الغارات تعد «الأعنف» على شمال سورية منذ شهر، حين أوقعت غارات روسية وسورية 53 قتيلا على الأقل، بينهم 41 مدنيا في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي المجاور لإدلب. وأفاد مصادر في ريف إدلب الجنوبي بضربات جوية متلاحقة استهدفت منذ الصباح مدنا وبلدات عدة، بينها خان شيخون واللطامنة والتمانعة. وشوهد قرب قرية المنطار نساء يحملن أطفالهم، ومسنون في حالة من الهلع وهم يجرون في أرض زراعية، خشية القصف قبل أن تستهدف مروحيات بالبراميل المتفجرة القرية. وأدى القصف إلى دمار عدد من المنازل السكنية التي تبعثرت محتوياتها من فرش وأدوات وأوان. فشل قمة طهران تأتي الغارات غداة قمة عقدت في طهران جمعت رؤساء: إيران حسن روحاني، وروسيا فلاديمير بوتين، حليفي دمشق، وتركيا رجب طيب إردوغان الداعم للمعارضة. وفشل الرؤساء الثلاثة خلال القمة في تجاوز خلافاتهم حول إدلب، إلا أنهم اتفقوا في الوقت ذاته على مواصلة «التعاون» من أجل التوصل إلى حل لتفادي وقوع خسائر في الأرواح. وشهدت القمة سجالا بين الرئيسين الروسي والتركي حول صياغة البيان الختامي. فقد طالب إردوغان ب«وقف لإطلاق النار»، محذرا من «حمام دم» في حال شنّ هجوم على المحافظة الواقعة على حدوده. إلا أن بوتين رفض الاقتراح، مشددا على «عدم وجود ممثلين عن مجموعات مسلحة على الطاولة» مخولين بالتفاوض حول الهدنة. ويرى الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيكولاس هيراس، في تصريحات صحفية، أن روسيا ومن خلال تصعيد قصفها على إدلب غداة القمة «تذكّر تركيا بأن عليها أن تبقى في دائرة الرضا الروسية إذا أرادت تجنب كارثة مؤلمة في شمال غرب سورية»، في إشارة إلى الهجوم العسكري.