أكد الدكتور صغير العنزي على أهمية اللغة في بناء التصورات، ودورها في وأد الأنثى معنويا، وتحيزها ضدها تحيزا تتجلى مظاهره وآثاره في المعجم الأنثوي. وقال في محاضرة بعنوان (تمثيلات المرأة في الأمثال والأقوال في السعودية)، نظمها ملتقى (قضايا المرأة) بجمعية الثقافة والفنون في الرياض، إن الثقافة الشعبية ساندت الثقافة العالمية في مؤامرة محكمة النسج تهدف إلى ترويض المرأة وتهشيمها، وحماية تماسك الذكورة، ودعم تأكيداتها القائلة بتفوق الرجل في العقل وقوة الإرادة. وتناول العنزي في المحاضرة التي أدارتها الدكتورة هند المطيري، عددا من الأمثال التي تقدِّم المرأة بما هي جسد مسكون بالعار، وذات ملتبسة بالأعمال الشيطانية، وسلعة تُباع وتشترى ويأتي عليها الكساد، أو بقرنها بالحيوان، وهي في ذلك كلّه كائن منقوص لا يمكن أن يستغني عن (ظلّ الرجل)، هكذا أوحت لها الثقافة هذا الوهم، وأقنعتها به، وسمت الأمثال تحقيق حلم الاقتران برجل «رزقا»، وأخضعت المرأة لضروب من التمارين التي تهادن بها تجاوزات الزوج المستبد. ذات مقموعة قال الدكتور العنزي إن خطورة الأمثال تمثلت في تجميلها صمت المرأة من خلال حظر إعلان تفرد الصوت النسائي وإبداعه، والتلويح بعقاب الصوت المتمرد على إملاءات الجماعة وأنساقها، والإلحاح على المرأة للاقتناع بتفاهة خطابها وانعدام قيمته، ومن ثم الإحجام عن المواجهة أو الاعتراض على الغبن الذي تتعرض له. وتندرج المحاضرة في إطار المقاربات التي تعنى بدراسة تمثيلات المرأة بالاستناد إلى وجهة نظر النقد الثقافي من جهة اشتغالها بالكشف عن عيوب الخطاب وامتداداته النسقية، حيث تساءلت المحاضرة حول واقعية هذه التمثيلات من جهة أن دور المرأة في تمثيل ذاتها مقموع تاريخيا، ومن ثم فإن التمثيلات التي تُقدم عنها لا تمس جوهرها الحقيقي، وذلك يفضي إلى كون المرأة في ثقافتنا كائنا مجازيا، لأن حقيقتها كحقيقة الاستعارة التي يتناسى أصلها، ويستغنى عنها بالمجاز، حتى لا يبقى من تلك الحقيقة إلا ملامح لا تكاد تظهر.