تحويل الفكرة إلى فيديو وتحميل الحركة مشاعر جمالية مثيرة لذهن المتلقي وأحاسيسه المبطنة في عمق الدهشة بين الألوان والأضواء والتقنية والتحول بالصورة والمؤثرات، هي أبرز مميزات العمل الفني لدى «محمد الفرج» الفنان السعودي، وصانع الأفلام، والمصور الفوتوغرافي الذي قدم أكثر من تصور جمالي بصري في السينما وفي الفيديو آرت، فهو رغم تعقيدات الفكرة ونضجها المعتق بالصور يعتمد البساطة في توجيهها حتى يقدمها للمتلقي مع منحه استعدادا نفسيا لتقبلها، ثم يحرره من ضيق المساحات الإدراكية ليستوعبها بشغف، وهو ما لاحظناه في عمله الأخير «صوفيا» فيديو آرت تركيبي. الانعتاق من الصورة الموجهة في العمل الذي عرضه أخيرا في جدة بجاليري أثر، قدم الفرج أجهزة رقمية ومجسمات شاشات تلفاز ثلاثي الأبعاد يعرض ثلاث قصص في تباينات بصرية تدمج الواقع مع الخيال بتقنية مزج ذكية تثير الأسئلة وتستفز للبحث عن الأجوبة والمعلومة بطرح جوانب مبطنة من كل ما يصل المتلقي من برامج ومؤثرات عبر تلك القنوات التي بدورها لها مساحة التأثير مشهدا وصوتا وفكرة ولونا وضوءا في إخراجه بشكل علني صاخب وديناميكي. فالقصص المركبة عبر الفيديو آرت يعرضها بتدرج واقعي مألوف، ثم يتحول بنسقها خياليا ليدمجها بسرد مقصود يقوم بتجزئته إلى قطع بصرية تنعكس على العين أفكارا متناقضة بتحولات الفرض البصري الذي يستدرج المخرج المتلقي إليه، ففي المقطع الأول «صوفيا» إيحاء رمزي بسرد قصة صوفيا التي منحت الجنسية السعودية وفي مقطع متناقض تظهر قصص حقيقية لأناس عديمي الجنسية. المقطع الثاني «السلحفاة» عرض وثائقي لعملية إنقاذ سلحفاة في ثمانينات القرن الماضي عمرها 100 سنة، وفي المقابل مقطع ذبح وحشي لسلحفاة معمرة، وفي الدمج تتحرك السلحفاة بين الشاشات في تركيب جمالي خيالي، المقطع الثالث «الموت للتلفاز وتحيا الصورة» يتم تغطية الشاشات لتظهر شاشة واحدة معتمة سوداء بمؤثر صوتي أشبه بانفجار لتظهر صورة تلفاز يحترق في مكان مهجور، ثم يظهر بعدها شخص يحل محل رأسه تلفاز يسدد النار على رأسه ليقتل ذلك الجهاز كتعبيرات مجازية رمزية عن ضرورة الانعتاق من الصورة الموجهة، والتحرر من سجنها نحو التحري العقلاني والتبصر المتكامل واستيعاب التناقضات التي يسربها. محمد الفرج مصور وصانع أفلام حائز على العديد من الجوائز في الأفلام القصيرة له أعمال بصرية تستكشف وتبحث في الصورة وتأثيرها