افتتح في متحف محمود سعيد في الإسكندرية، معرض الفنان أحمد السمرة وعنوانه «نون ستوب» (non stop)، صاغ السمرة فيه هواجسه الفنية على شاشات كومبيوتر مستخدماً ما توصلت إليه تقنية الفيديو الرقمي لطرح رؤاه على طريقة الفيديو آرت. يقول السمرة ل «الحياة»: «أطرح من خلال المعرض فكرة غلبة الحلم على شظف المعاش وانتصار إرادة تلوين العالم، لا بل إعادة تشكيل كائناته من شجر ونهر ونبات وبشر، وعاطفة. فالمعرض هو مناورة مفتوحة مع خط الزمن ومشهده الكوني، واستعادة للمفقود من الواقع». ويتناول المعرض أربعة أجزاء: الأول «بدون توقف»، والثاني فيديو انستيليشن بعنوان «الغرق»، والثالث فيديو آرت بعنوان «مراحل» دعا من خلاله الى إعادة قراءة العالم بلغة الضوء وليس العتمة. ففي المسافة بين النقيضين يكمن سر الحياة. وهنا تبرز «البصيرة» والتي تجعلنا نتلمس طريقنا عائدين إلى رحم النفس مخترقين حاجز المعهود والسائد والتقليدي باتجاه استعادة المفقود من أحاسيسنا ومشاعرنا المكبلة بالمادة وصراعاتها. في الجزء الرابع والأخير من المعرض يقدّم السمرة فيديو آرت تناول موضوعاً سياسياً بعنوان «اختار مكان تاتي»... وهو إسقاط على القومية العربية المفقودة حيث أظهر العرض أن اللغة العربية هي الشيء الوحيد الذي يجمع العرب بعدما تفاقمت الصراعات القوميّة والقطرية والدينية والطائفيّة. كما تضمن المعرض لوحة في أحد الأركان لعلم مصر وكأنه هدف الى التصويب وهو ينزف على الحائط. من خلال العروض التي قدمها السمرة نلاحظ أن المعرض شكل اختباراً روحياً خالصاً للفنان من جهة، وللمتلقي من جهة أخرى حيث تناول السمرة العالم كله في مجمله وما يعتريه من مشاكل ثم تحول الى العالم العربي. وتوقف أخيراً عند مصر وأوضح رؤيته التشاؤمية شكلاً، إلا أن المتلقي لا يسعه إلا أن ينظر اليها على انها رؤية واقعية للحياة الصعبة التي يحياها. يقول السمرة: «جمعت الكثير من الأخبار عن الاحداث التي نمر بها وقررت التعامل معها برمزية على قاعدة من الإحداثيات الفنية الضابطة قوامها الإضاءة، واللوحة، والمؤثرات الصوتية والصور الصادمة ومن خلال فن الفيديو آرت والفيديو انستيليشن قدمت رؤيتي التشكيلية للواقع». واعتمد السمرة على قاعدة متعددة المحاور حيث قدم أربعة عروض تفاعلية واستخدم بعض الأخبار التي صدرت في الجرائد الدولية واستعان بمقاطع فيديو لخراف تجري وراء بعضها، مشبهاً البشر بالقطيع الذي يتم شحذه فينفعل من دون تفكير. وعن عمله بتقنية الفيديو آرت يوضح: «الفيديو آرت يظهر بقوة حين تعجز اللوحات والألوان عن أن تصرخ من دون وعي أمام الواقع الذي نعيشه وتتوقف عن التعبير عنه حيث ساعدت طفرات التقنية الهائلة في عالم صناعة الكاميرات المتناهية الدقة في إظهار مشاهد شديدة التعقيد». وفي سياق متصل يقول الفنان محمد العيسوي: «منذ ظهر فن الفيديو آرت في الساحة التشكيلية، تشوبه الكثير من الآراء المتناقضة، فمن الفنانين ممن يعترفون به وآخرون يرون أن بعض الشباب يقلده عن الغرب، والمعرض طريف وفكرة وجود ثلاث شاشات في شكل تفاعلي فكرة معقدة تستلزم تفكيراً عميقاً، لذا فالمعرض يحمل اكثر من رؤية ابداعية، كما استطاع الفنان استغلال الضوء ليضع محصلة للعاطفة والحقيقة حين تلتقيان». وللسمرة الكثير من المشاركات الدولية في قبرص وفرنسا وإيطاليا ولبنان والمغرب كما انه تتلمذ على يد الفنان العالمي السويدي جون ايرلينغ.