بنبغي للإنسان تحري الصواب ونبذ الأخطاء، لأن الأخطاء هي أسباب المهالك والآلام والنقص والعجز والبشاعة في الحياة، وكل خطأ ظلم ونقص وألم وبشاعة، صغر أم كبر، وكل صواب عدل وسعادة، وراحة وتمام وثراء وقدرة وجمال، أَوليس الجمال المطلق، لم يبن إلا على العدل والصواب المطلقين، وانتفى منه الظلم المطلق والخطأ المطلق، فإذًا كل المظالم والآلام والبشاعات والعذابات بقسوتها أخطاء، فأعدل العادلين المنصفين هو الذي لا يرتكب أخطاءً البتة، ولا يسوّغ أخطاء الآخرين أبداً، حتى لو تجاوز عنها وغفرها، وكل خطأ ظلم، وكل ظلم ذنب، وكل ذنب بلاء، وكل بلاءٍ عذاب، فلننظر إذًا في أحوالنا وأخطائنا ومدى ظلمنا لأنفسنا والآخرين أياً كانوا، وكل نجاح جزئياً كان أو شمولياً، لا يأتي إلا من الصواب والعدل والإنصاف، ولا ينعدم إلا بالخطأ والظلم، ومتنفس الإبداع والنجاح والتقدم هو تنافي أكثر الأخطاء والمظالم، ووجود أغلب الصواب والعدل، والعدل هو الحرية المطلقة الشمولية، فهل نحن حقاً أحرار، هل نحن أحرار من أنفسنا وثقافتنا وتربيتنا وتقاليدنا، وهل نحن أحرار من حريتنا وخيالنا وأحلامنا وأوهامنا، مستقلون عن أطماعنا وضعفنا؟ أسئلة ينبغي أن نجيب على ما نستطيع منها، ونحاول حل ما لا نستطيع.