عبدالله العولقي تنبأ كثير من الكُتاب والمفكرين والسياسيين والمحللين الاقتصاديين أن الانهيار الحوثي في اليمن مسألة وقت، فكل المؤشرات المتنوعة تدل -وبصيغ مختلفة- على أن الانهيار الحوثي بات مسألة وقت، وفي هذا المقال سنستعرض بعضا من هذه المؤشرات وسنناقشها بشيء من الاختزال، حتى نستشرف آفاق المستقبل السياسي لليمن خلالها، بزوال الحوثيين من التاريخ اليمني الحديث وإلى الأبد. أولا: الحوثيون لا يتمتعون بحاضنة شعبية في اليمن، وهم يدركون ذلك، ويعتقدون أن مسألة تطويل زمن الحكم وفرضه على الشعب سيوفر لهم الحاضنة، إلا أن الزمن فاجأهم عكس ما يتوقعون، فبعض المنخدعين بخطابات عبدالملك المضللة أيدوا الحوثيين في بداية احتلالهم صنعاء، بسبب وعودهم الكاذبة وبياناتهم الخادعة بخفض أسعار النفط وزيادة الرواتب وتوفير الوظائف وإحلال الأمن، قد تراجعوا عن ذلك التأييد بعد أن ذهبت تلك الوعود أدراج الرياح، فتكشفت لديهم الوجه الحقيقي والأقنعة المزورة لهم، وبات الجميع في صنعاء يدرك أن هؤلاء زمرة من الأوباش تسلطوا على اليمن وما هم إلا أجندة إقليمية بيد ملالي طهران. ثانيا: الشعب اليمني لديه حمل تاريخي ثقيل، وهو يرى أنه العمق العروبي للعرب، وحاضنتهم الأساسية، ومن العار أن تذهب تلك العروبة وتتلاشى في ظل الهيمنة الحوثية التي تفرض الأجندة الشيعية المتطرفة على شعب غالبه من السنّة الشوافع أو الزيود المعتدلين، وهذه الأجندة تدعو إلى التمجيد الفارسي وتاريخه، وذلك ما يتنافى مع العروبة الأصيلة في نفس الإنسان اليمني وغيرته المعهودة على العروبة. ثالثا: الحوثيون مثلما الملالي تماما، يؤمنون ويدعون بنظرية الولي الفقيه، وهي نظرية سقيمة وعقيمة ومتخلفة، لا تتناسب مع أبجديات العصر الحديث، ويكفيك من سذاجتها أن المهدي المنتظر فارسي العرق لدى الإيرانيين سيخرج من سرداب ويقيم للبشرية عدالتها المفقودة بينما الحوثيون يؤمنون أن المهدي ذاته هو المقبور حسين الحوثي، والذي يعدّونه حيّا حتى الآن، وهو الموجّه لهم في حروبهم واقتصاداتهم وحياتهم، وهذا تناقض عجيب بين الداعم والمدعوم. وعموما كل هذه المخلفات الفكرية والأوهام المزعومة لا يريدها الشعب اليمني ولا يؤمن بها، بل يريد حكومته الشرعية كي توفر له الأمن والصحة والتعليم المناسب بدلا من خطابات عبدالملك التي لا تغني من جوع. رابعا: الانتصارات العسكرية التي تحققها قوات الشرعية مدعومة بقوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، وتقدمها المستمر في الأراضي التي يحتلها الحوثي، سواء من الناحية الشرقيةلصنعاء أو من جهة الساحل الغربي، تسهم وبشكل ملحوظ في انهيار المعنويات لدى الحوثيين، وتؤدي إلى تقلص في المساحات الجغرافية التي يحتلونها، كما أن أعداد القتلى المتفاقمة في صفوفهم واقتناع وإعلان بعض الكتائب الحوثية بفكرة الشرعية وتأييدها لها أضعف الموقف الحوثي وأضحى انهياره مسألة وقت فقط. خامسا: اغتيال علي صالح والغدر به وبرفاقه والتمثيل بجثته بصورة لا أخلاقية، جعل أنصاره والمتعاطفين معه من القبائل وحزبه المؤتمر، وهو حزب يحظى بشعبية كبيرة داخل الإطار الشمالي لليمن، ينحازون تجاه الشرعية، وبذلك أضحى الحوثي هو العدو الأوحد لليمنيين، وبذلك توحدت الأطياف السياسية اليمنية تحت إطار الشرعية، وأصبحت بوصلتهم الوحيدة هي تحرير صنعاء واليمن من براثن الحوثي ومن معه من المرتزقة. سادسا: الداعمون وما يقدمونه من دعم مالي وعسكري ومعنوي للحوثي، هم اليوم في وضع حرج وصعب جدا، وأعني بهم الملالي في طهران، والذي يواجه سلسلة متفجرة من الغضب الشعبي في مدنه المختلفة، والتي ستقود نظامه المتخلف إلى الانهيار والتلاشي بسبب تفاقم الغلاء والفقر والجهل. ومن الداعمين كذلك نظام الحمدين في قطر، والذي يعاني هو الآخر -بسبب المقاطعة العربية الخليجية- انهيارا اقتصاديا وعزلة سياسية، وبالتالي فمصادر الدعم للحوثي باتت منقطعة، مما جعله اليوم في مأزق. فمن يدعمونه هم اليوم في حاجة إلى من يدعمهم!.