يصادف الثاني من نوفمبر هذا العام، الذكرى المئوية لصدور «وعد بلفور» الذي منحت بموجبه بريطانيا الحقَّ لليهود في إقامة وطن قومي في فلسطين، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميّا سنة 1918، ثم الرئيس الأميركي ولسون رسميّا سنة 1919، وكذلك اليابان، وفي 25 أبريل سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يُوضع «وعد بلفور» موضع التنفيذ. وبلفور هو البريطاني «آرثر جيمس بلفور» رئيس وزراء بريطانيا في الفترات الواقعة بين 1902 -1905. ووعد بلفور هو نصّ رسالة أرسلها بلفور إلى اللورد «ليونيل وولتر دي روتشيلد»، يعلن فيها تأييد بريطانيا إنشاء وطن قوميّ لليهود على أرض فلسطين. حين صدور هذا الوعد كان إجمالي عدد اليهود في فلسطين لا يتجاوز 5% من مجموع السكان هناك، وأرسلت رسالة بلفور إلى روتشيلد قبل شهر واحد من احتلال بريطانيافلسطين، وكان نص وعد بلفور: وزارة الخارجية 2 نوفمبر 1917 عزيزي اللورد روتشيلد، يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عُرض على الوزارة وأقرته: إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهوما بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى. وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علما بهذا التصريح. المخلص آرثر بلفور وكان الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- رغم انشغاله في تأسيس المملكة بعيد النظر في جميع الأدوار التي أراد الإنجليز وحلفاؤهم تمثيلها على مسرح السياسة العربية لتحقيق التصريح المشؤوم، فلم يكترث بجميع الوعود الغربية لعلمه الكامل ويقينه الراسخ بأنها وعود خادعة، يهدف الغربيون من ورائها تأمين مصالحهم في نطاق الدولة الصهيونية على أنقاض عرب فلسطين، ورغم جميع المحاولات التي كانت تبذلها بريطانيا مع الملك عبدالعزيز آل سعود، لانتزاع شبه اعتراف باليهود ووطنهم القومي في فلسطين، فإن شيئا من هذا لم يقدم عليه، بل ظل حذرا جدا يدفع كل ما يختص بهذا الموضوع بدراية وحكمة، على حين كان يعمل سرّا وجهرا لتثبيت عروبة فلسطين. وقد استنكر الملك وعد بلفور بأبعاده، إذ قال: «ليس من العدل أن يُطرد اليهود من جميع أنحاء العالم، وأن تتحمل فلسطين الضعيفة المغلوبة على أمرها هذا الشعب برمته».