يعتقد الكثير من الناس بأن قطر تنتهج سياسة ليبرالية تحتضن الحريات وتكفل للجميع حق التعبير عن الرأي وفق ما تروج له وسائل إعلامهم التي أسهمت في إبراز صورة نمطية في أذهان الناس، وعلى رأسهم قناة الجزيرة التي دائما ما تتبنى المبادئ الديمقراطية وأحقية الشعوب في تقرير مصيرها، فجعلت من شعار «الرأي والرأي الآخر» ملازما لها.. وقد استطاعت الدوحة عبر هذه الحيلة من حياكة نسيج وهمي يغطي على عورات النظام القمعي في الداخل حتى يموه الرأي العام العالمي عن هذه الحقيقة المرة، خصوصا أن تلك الأبواق لم تتناول أبدا ما يدور في الداخل من احتقان بين الشعب والسلطة، ولم تلامس احتياجات المواطنين بتاتا، وإنما تسقط سياساتها التحريضية في محيطها الخارجي، ولكن مع إصرار قطر على سياساتها الخبيثة التي تهدف للتآمر وزعزعة أمن واستقرار الدول الشقيقة، حتى بلغت خسائر الربيع العربي الذي أخذت بزمامه 833 مليار دولار بحسب تقرير صادر عن المنتدى الاستراتيجي العربي، ومقتل ما يزيد على مليونين من البشر، بالإضافة إلى تشريد ما يزيد على 15 مليون شخص والعدد قابل للزيادة في ظل عدم اتعاظ رهيب من رفاق تميم، فلا تزال قطر تسعى لزعزعة ما تبقى من أمن واستقرار في المنطقة، حيث تشير دراسة قام بها الباحث فالح الذبياني إلى أن الإعلام القطري نشر ما يزيد على 20 ألف مادة ضد السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن خلال 3 أشهر، الأمر الذي دفع بعض وسائل الإعلام للرد بالمثل ليتم تسليط الضوء على السياسة القمعية لتنظيم الحمدين تجاه الشعب القطري لتنقشع ضبابية المشهد المحلي. فقد ذكرت وسائل إعلام مختلفة أن السلطات القطرية لم تكتف عند حد الكبت والتعتيم فحسب، بل باشرت بإجراءات صارمة ضد كل من ينصح أو يعقب على أزمتها مع جيرانها، تمثلت في اعتقال الشيخ سعود بن ناصر آل ثاني وفرضت عليه الإقامة الجبرية، كما باشرت بسحب الجنسية من شيخ قبيلة آل مرة الشيخ طالب بن لاهوم ومعه أكثر من 50 شخصا من أسرته، بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى الشيخ شافي بن ناصر حمود الهاجري، شيخ قبيلة شمل الهواجر ومعه مجموعة من عائلته، بل طالت إجراءات سحب الجنسية الشيخة نوف بنت أحمد آل ثاني، أحد أفراد الأسرة الحاكمة، وامتدت يد الحرمان إلى شاعر المليون محمد بن فطيس المري، وذلك بحجة مساندته السعودية على حساب حكومة تميم بعدما دعا إلى وحدة الصف الخليجي وعدم تسييس الحج والتطاول على الرموز والعلماء، واستنكر أسلوب السب والشتم، مما جعل هاشتاق سحب جنسية بن فطيس يلهب صفحات التواصل الاجتماعي التي اعتبرته قرارا جائرا، خصوصا أن الأخير أكد أن دافع كلمته ونصحه هو موالاته لوطنه وقيادته، وحرصه على أمن واستقرار المنطقة، بعيدا عن النزاعات والفرقة. كما طالت تلك الإجراءات القمعية والتهديدية عددا من المعارضين والناشطين كخالد الهيل، ووزير الدفاع السابق اللواء حمد بن محمد آل ثاني، والعقيد سلطان السبيعي، واعتقلت السلطات ثلاثة من أفراد الأسرة الحاكمة، وهم الشيخ حمد بن عبدالرحمن آل ثاني، والشيخ ناصر بن عبدالرحمن آل ثاني، والشيخ أحمد بن جبر آل ثاني، في حين ما زال يقبع الكثير من المعارضين خلف القضبان، الأمر الذي يشير إلى أن السلوك القطري يجسد كل التناقضات، ويوحي بأن الدوحة تقول عكس ما تفعل.. كل هذا ينبئ عن حالة من العزلة والاستنكار لتنظيم الحمدين، ستزداد في الأوساط الإقليمية والدولية وحالة من التذمر والتشاؤم ستسود الشارع القطري قد تفضي إلى ثورة جبارة في نهاية المطاف، فالنفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فالشعوب باتت تدرك جيدا أن لسان الحال أصدق من لسان المقال، وقد يكذبه أيضا..!