(1) انتهت اول أمس «معركة» انتخابات اليونسكو لاختيار مدير عام جديد للمنظمة، خلفاً للياباني الذي أدارها منذ 1999، بفوز المرشحة البلغارية وإزاحة المرشح العربي. لم تخل انتخابات عام 1987 للاختيار بين التجديد للسنغالي أحمد مختار أمبو أو انتخاب الأسباني فريدريكو مايور من إثارة وتنافس شديدين. كما لم تكن الجولة الانتخابية عام 1999 بين المرشح العربي السعودي غازي القصيبي والمرشح الياباني كوتشيرو ماتسورا خالية من الإثارة والتحيزات الغربية بالأحكام المسبقة والتعاطف الوجداني العربي بالطبع! لكن انتخابات عام 2009 بين المرشح العربي المصري فاروق حسني والمرشحة البلغارية إرينا بوكوفا (سفيرة بلغاريا لدى اليونسكو، وزيرة الثقافة سابقاً)، كانت «معركة» بالفعل، استخدمت فيها أسلحة نظيفة وأحياناً أسلحة غير نظيفة! كانت الحملة الغربية عموماً، والأميركية خصوصاً، ضد المرشح العربي أو ضد المرشح المصري أو ضد فاروق حسني، عنيفة ومستمرة حتى ما قبل اليوم الأخير من الاقتراع. لكننا، للإنصاف، يجب أن نعترف بأن الحملة ضد المرشح العربي لم تخل من إسهامات عربية كان وقعها أشد وأنكى، لأنها تعدّ نفسها «شاهداً من أهلها»! (2) وبناء على الآثار التي أحدثتها الحملات المتبادلة بين أعضاء أسرة اليونسكو، أو التي ستتركها بعد الانتخابات، فقد طلبت الكلمة من رئيس المجلس التنفيذي للمنظمة قبل بدء الاقتراع الأخير، وقبل أن نعرف من الفائز بالمنصب إن كان عربياً أو غير عربي، فقلت الكلمات التالية: «كانت أياماً عصيبة أمضيناها سوياً طوال الجولات الخمس من الانتخابات، لكنها لم تخل من الإثارة الممتعة واللذيذة. واليوم أياً كان الفائز .. فكلنا فائزون. أريد أن نجدد مشاعرنا الأليفة .. ونطهر قلوبنا من أعراض الانتخابات. أريد أن نستحضر ذاكرتنا الأسرية الحميمة في بيت اليونسكو. نريد أن نقول للعالم اليوم أن اليونسكو هي حقاً بيت التربية والثقافة العالمي. نريد أن نقول لأنفسنا داخل اليونسكو ولمن خارجها: الانتخابات تجمعنا .. والنتائج لا تفرقنا. والفائز اليوم بالمنصب .. أياً كان الفائز، سيخدم اليونسكو وكافة أعضاء اليونسكو. وهو لم يصل إلى هذه المرحلة من السباق التنافسي الساخن إلا وهو جدير بأن يتبوأ رأس منظمة عريقة وكبرى كمنظمتنا العزيزة. أكرر الامتنان والفرح والحفاوة بروحنا العائلية الواحدة .. وشكراً». * سفير المملكة العربية السعودية لدى اليونسكو [email protected]