طلابنا في الوقت الحاضر غير مبالين بما يحدث حولهم، وما يدور في العالم من سباق مع الزمن للتطلعات المستقبلية وخدمة البشرية في الإبداع والتفكير والتقنيات المعلوماتية. فهم بعيدون كل البعد عن الاطلاع وتنمية عقولهم بما يفيدهم أولا ، ويفيد مجتمعهم، وبذلك يكتسبون مهارات جديدة في أسلوب الحوار المطور. فمن خلال تجربتي كمعلم، وجدت أن أكثر من 80% من طلاب مدارس المرحلة المتوسطة والثانوية غير مبالين بالاهتمام بالتفكير والاطلاع وتزويد عقولهم بالمهارات الفكرية والنظريات الفلسفية القديمة والحديثة. فمثلا لو أخذنا نظرية ديكارت (أنا أفكر إذا أنا موجود) للأسف ليست موجودة في مجتمع طلابنا، فكل تفكيرهم بحفظ ما يملى عليهم لفترة موقتة ولهدف معين لتطبيق ما أملي عليهم، بينما تجد البعض من الطلاب يتفاعل مع التجارب العملية والرحلات حتى لو كانت خيالية وهو في مكانه. فثقافة الشعوب وتطورها تقاس بمستوى تعليمهم وثقافتهم وحصيلة خبراتهم الدراسية، ولكن الواقع المحزن في غالبية مدارسنا هو إرضاء الوالدين للذهاب للمدرسة، وهدف أحدهم فقط يوميا هو الالتقاء بزملائه لقضاء يوم غير دراسي في مزاولة بعض الأنشطة والعبث بمحتويات المدرسة من مكيفات مدرسية ، بتشغيلها وإطفائها في زمن قياسي، لأنها ليست من ملكيته الخاصة، فالملكية العامة في نظر غالبية الطلاب لا يتعدى فهمهم لها سوى أنها للدولة (قابل للكسر قابل للاستعمال). ربما أن هذه الفكرة هي أحد الموروثات التي اكتسبها أحدهم وسوف يكتسبها من بعده أبناؤه، فهناك طالب يتساءل: (لماذا أحضرنا عامل البلدية؟) ويجيب على نفسه وكأن الجواب أحضره معه من البيت "نحن نرمي وعامل البلدية ينظف".. هذا في الحصص الثلاث الأولى، إما أثناء الفسحة وما بعدها ( فحدث ولا حرج ) تبدأ مرحلة "العلوك" ... ويسمونها ( التهضيم ) وكأن الحصة الرابعة ليست حصة رسمية, بل تابعة للفسحة، بمعنى أصح لا يعترف بها غالبية الطلاب ويقضونها في فناء المدرسة ، وما بعدها من الحصص فالحديث عن مباريات الدوري لهذا اليوم وانتقال اللاعب الفلاني من ناد إلى آخر واستقطاب نجوم للموسم القادم. أنا لا أعارض ثقافتهم الرياضية، ولكن لا أريد أن تسيطر على ما هو أهم.. هذه هي تجربة يوم دراسي في إحدى مدارسنا اليوم. فلا معلم له هيبة ولا مدير له إدارة.