بالأرقام والإحصاءات نتعرف هنا، لماذا وكيف تهتم دول العالم الأول بالمنظمات غير الربحية، إذ تشكل المنظمات التطوعية حيزا مهما، ودورا فاعلا في مجتمعات دول العالم الأول، إذ تكون هناك هيئات ومجالس وطنية رسمية ومختصة، تدير وتنظم عمل المنظمات غير الربحية. ففي الولاياتالمتحدة الأميركية، تدير الهيئة الوطنية للمنظمات غير الربحية (National Council of Nonprofits)، وتقدم جميع التسهيلات للمنظمات التطوعية، ويبلغ عدد الجمعيات الخيرية العامة «1.097.689»، وبلغ عدد المؤسسات الخاصة «105.030» بينما بلغ عدد المنظمات التطوعية الأخرى «368.336»، أي ما يقارب مليونا ونصف المليون منظمة غير ربحية مسجلة رسميا، في عام 2016 مختلفة الأنشطة. أيضا في سويسرا يوجد أكثر من 114 ألف منظمة غير ربحية، على الرغم من أن عدد سكانها لا يتجاوز 7.4 ملايين نسمة، وبلغ عدد المتطوعين 1.2 مليون متطوع. وتقوم كل من هذه الدول، إضافة إلى أستراليا، وبريطانيا، وإسبانيا، وألمانيا، ونيوزيلندا، وتايلاند، وحتى كينيا، بإطلاق برامج تطوعية لجميع سكان دول العالم، للانضمام إلى برامجها التطوعية، لتبادل المعرفة وزيادة الوعي المجتمعي العالمي بأهمية التطوع. طرحتُ كل هذه الأرقام الفلكية، وهذا الحراك الدولي، لنستمد منه حجم الاهتمام العالمي بالمنظمات غير الربحية والمتطوعين، ولعله أن يتحقق حلمي، أطمح بتأسيس «هيئة وطنية للمنظمات غير الربحية»، لمواكبة دول العالم الأول، والإسهام الفعلي في تحقيق رؤية الوطن 2030، بالوصول إلى مليون متطوع وأكثر. فالشباب اليوم يملكون طاقة مذهلة، والشغف بالعمل والعطاء، لذا علينا استثمار أوقاتهم بالمفيد، وعدم إعطاء الفرصة للغير باستغلال أوقات فراغهم، وغسل أدمغتهم بما يهدم شبابهم. من مهام «الهيئة الوطنية للمنظمات غير الربحية» الاحتضان والإشراف على المنظمات والمبادرات التطوعية المتنوعة والمختلفة في أنشطتها الإنسانية والمجتمعية بالمملكة، ووضع التسهيلات وتهيئه البيئة المناسبة لها، وحث وزارة التعليم على إلزام طلاب المدارس والجامعات بإنهاء ساعات عمل تطوعية قبل التخرج، حتى يكون للطفل والشاب دور مهم في مجتمعه، فيعزز الثقة بنفسه، ويرفع من مسؤولياته تجاه وطنه، وذلك خلال إعداد البرامج الخاصة لها، والتعاون مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، وتقوم بالتوعية العامة للمجتمع بأهمية التطوع، إضافة إلى حفظ حقوق المتطوعين، فما نراه من استقلال واضح لجهود الشباب المتطوعين من بعض الجهات الخاصة، بسبب ضعف الوعي لديهم، أمر محزن جدا، ويدنس جمال المعنى الحقيقي للتطوع. أيضا، أتاحت فرصة المشاركة بالتطوع للجميع خلال المنظمات المسجلة، ومد جسر التعاون بين دول العالم الآخر، خلال إقامة البرامج التطوعية الإنسانية، والثقافية، والاجتماعية، والصحية والرياضية المشتركة، وكثير من المهام الأخرى. التطوع منهج حياة تعليمي واجتماعي وثقافي وسلوك حضاري، وخلاله نهضت دول العالم الأول، فعلينا أن نكون أكثر جدية وفاعلية في تطبيقه، وجعله نهج حياة، وسلوكا مجتمعيا، وذلك خلال غرس خصاله الحسنة في نفوس الجميع، بمختلف فئاتهم العمرية لبناء مجتمع متعاون، فعّال وحيوي.